IMLebanon

العاهل الذي أنهض أمةً وأحيا مجداً

 

هنا السعودية. من هنا أطل الإسلام بكل أسسه وقرآنه ونبوته واطلالاته وإشراقاته الروحية والايديولوجية.

من هنا أطل ومنذ اطلالة هذا الدين الحنيف، رجال عظام امسكوا بزمام الأمور في هذه المرحلة الصعبة من التاريخ الحديث وصولا الى مرحلة الحكم السعودي وامساك رجالاته بدءا من الملك عبد العزيز وحتى الملك عبدالله، فكانت مرحلة حافلة بالأحداث والتطورات ومراحل الحكم المتنوعة، أمسك الحكم السعودي بزمامها وامتداداتها الشاسعة وثرواتها المهمة، الحكم هنا منطلق من أصالته وايديولوجيته السمحة البعيدة عن التعصب والتصلب والتشنج وعن اقترابه من آفاق الإنفتاح والرحبة بأعلى مستوياتها الروحية  والعقائدية الداعية الى تقارب الاديان من منطلقاتها التوحيدية السمحة والمتلاقية على اهم نقاط الفكر الديني المتقارب بأهم نقاط التلاقي التي تجمع بين الأديان السماوية كافة، وتشهد على ذلك تلك المؤتمرات التوحيدية التي شهدها العالم في السنوات الاخيرة خاصة تلك التي دعا اليها تكرارا خادم الحرمين الشريفين، حيث أعادت الى فكرنا وإلى اذهاننا مناسبة عصفت بنا في الأيام الأخيرة، متمثلة بوفاة خادم الحرمين الشريفين، رحمه الله فكان لها وقع وصدى ترك نتائجه المؤثرة حيثما كان، وهي حصلت في مرحلة حرجة من مراحل تاريخ المنطقة والعالم الحديث، تكثفت فيها الأحداث وعصفت بأجوائها المناورات والمؤامرات، وكان من حظ الامتين الإسلامية والعربية بل ومن حظ العالم بأسره ان كان هناك في المراحل الزمنية الاخيرة حاكم وقائد ورائد أمسك بمعظم خيوط التلاقي والتآلف ورأى بفكره وحكمته ونظره الثاقب هذه التطورات والتموجات المتلاحقة والمتلاطمة بحيث اوصلت هذا العالم الملتهب إلى حدود المهاوي الخطرة، سواء في الداخل السعودي والخليجي أم في مجمل المواقع والامتدادات الاقليمية ام على مدى التلاقيات الدولية ومدى تشابك احداثها ومواقفها ومصالحها.

عودة الى العلاقة السعودية – اللبنانية اولا، وهي علاقة ذات ماض بعيد يحفل بالتلاقي والتقارب المتبادل، فلطالما حظي اللبنانيون بالوجود السعودي على أرضهم ومن خلال جميع مستوياتهم الحاكمة والسائحة والمتطببة والدارسة في جامعات لبنان ومدارسه والمصطافة في ربوعه وفي جباله فامتلأت انحاء بيروت والجبل بالقصور والفيلات والأبنية والشقق الفخمة والعادية التي يشتريها ويستأجرها سعوديون وأصبح لبنان درة من درر السياحة والاصطياف على المدى اللبناني كله.

ومن هنا حتى أيام المغفور له الملك عبدالله الذي يرقى في مستويات الحكم الصائب والرشيد إلى مراتب اجمع العالم على الاشادة بمستوياتها القيادية والريادية حظي لبنان من خيرها وحنكتها وحكمتها وبعد رؤيتها، الشيء الكثير – ويكفي ان يذكر لبنان منها، ما اصابه من خيرات الوارد السعودي للبنان واللبنانيين، فاضافة الى محبة السعوديين الغامرة لكل ما تعلق بالعلاقة مع لبنان بلدا ووطنا ومواطنين وثقافة عميقة بواسطة معرفة استثنائية متقدمة في الحقول العلمية التعليمية والعمرانية والتجارية والصناعة وولوجا متمكنا في حقول التكنولوجيات التي سريعا ما احتاجت اليها المملكة في طفرتها الواسعة والسريعة نحو التقدم والتمكن والازدهار، وهكذا انطلق اللبنانيون للإقامة المتدفقة الى السعودية وما زال منهم ما يناهز الأربعماية الف لبناني يقيمون في المملكة ويعملون فيها بكل نجاح واخلاص وتفان ومحبة لذلك البلد الشقيق وشعبه المحب المضياف مما ساهم في تطوير الأعمال والإستثمارات، وأسهمت الاموال التي ارسلها اللبنانيون وما زالوا يرسلونها الى ذويهم في لبنان، في تصويب بعض الأحوال الخطيرة لدينا كما كان من شأن مؤتمر الطائف الذي وضع حدا حاسما للحرب اللبنانية التي طاولت البلاد بأسرها وكادت ان تبلوه بمزيد من مآسي الحرب الأهلية الشرسة التي عمقت الخلافات، بين ابنائه وهددته بمصائب التقسيم، كما لن ننسى اطلاقا مؤتمر الطائف الذي أعاد البلاد الى نقاط ارتكازها الثابتة وخلصته من آثار الاغتيالات الاجرامية التي بدأت باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومن لحق به من المغدورين كما لن ننسى للمملكة جهودها في كل هذه القضايا المتعلقة بمنحة الاربعة ملايين دولار متميزة بتوجهها ورمزيتها واستمرار المملكة في دعم الدولة اللبنانية بكل مؤسساتها وفي طليعتها الجيش والقوى المسلحة والامنية المختلفة دونما أي توجه لدعم المواقع المليشياوية وتشجيع النزعات والمنظمات القتالية والتصرف المؤدي إلى تعزيزات لغة السلاح وكل ما من شأنه الدفع بالبلاد الى المهاوي القاتلة.

يبقى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله ذلك العاهل الذي تميز بما بذله من المكرمات التي ملأ بها أنحاء لبنان عموما وقرى وأنحاء الجنوب خصوصا، وذلك عقب العدوان الاسرائيلي الآثم عام 2006، الذي ادى الى تدمير لعشرات القرى والمواقع والمؤسسات، فاعاد اليها العاهل السعودي الراحل الإعمار الكامل واستردت وجودها وحياتها وصمودها في وجه العدوان والتدمير الهمجي للبنان عموما.

الملك عبدالله… قد كنت في ملء القلوب والتقدير الشامل على مدى العالم كله، وفي لبنان بالتحديد رحمك الله، ودامت لنا ذكراك الطيبة وسمعتك العطرة وآثار توليك مقاليد القيادة الحكيمة والمتمكنة والقادرة تشهد عليك وعلى حكمك الرشيد وعلى مآثرك الوفيرة.