ترصد القوى السياسية بحذر شديد تطورات الحرب السورية والانعكاسات المفترضة على لبنان، خصوصاً بعد إسقاط الطائرة الروسية من قبل تركيا.
وتركز عملية الرصد والمتابعة على الجانبين الأمني والسياسي. ويسجل في هذا السياق ارتفاع وتيرة الإجراءات الأمنية في مختلف المناطق من قبل مختلف الأجهزة، إلا أن نجاح تلك الإجراءات يتطلب الوصول بمستوى التنسيق بين مختلف الاجهزة العسكرية والامنية الى درجة قصوى، لمنع الارهابيين من استغلال اي ثغرة لضرب الاستقرار اللبناني. كما يتطلب في الوقت ذاته تهدئة سياسية «تؤمن المناخ المناسب لمواكبة الحلول السورية بانجاز الحلول اللبنانية التي يجب ان تسبق الحل السوري»، وفق توصيف أحد قيادات «8 آذار» الذي يدعو إلى التمعن في قراءة التطورات المحيطة بدقة، خصوصاً ما يتصل منها بالحراك الروسي على خطين:
ـ القمة الروسية ـ السورية التي جمعت الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والسوري بشار الاسد في 20 تشرين الاول الماضي، شكلت نقطة تحول في مسار الصراع على الارض السورية.
ـ القمة الروسية الإيرانية التي جمعت المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية الايرانية السيد علي خامنئي و «القيصر» الروسي بوتين وخرجت بتطابق حول الوضع السوري.
كلتا القمتين تندرجان في سياق تعميق التنسيق وترسيخ الاهداف، بعدما صار محتوما ان المواجهة الدائرة على مستوى العالم هي «حرب عالمية ثالثة في مواجهة الارهاب». وايا تكن نتائج القمتين، فإن قيادات حزبية لبنانية قريبة من دمشق تؤكد انها «تصب في مصلحة لبنان البلد الاكثر تأثرا بتداعيات ما يجري في سوريا، والذي كلما اقترب الحل السوري كلما صار اكثر قربا من اتمام استحقاقاته الداخلية رئاسية وحكومية ونيابية».
تبين بالدليل ان كل الرهانات على امكانية دخول القيادة الروسية في صفقة على حساب النظام في سوريا «هي ضرب من الخيال لن يتحقق»، وفق تعبير أحد قيادات «8 آذار» الذي يؤكد وجود تمسكٍ ببقاء هذا النظام وتطويره وفق آليات ديموقراطية، وهذا ما تتلاقى موسكو وطهران على تشجيعه ودعمه، لان سقوط سوريا في يد الارهاب سيكون بمثابة فتح باب جحيم الارهاب ليضرب في كل مكان.
يردد القيادي الحزبي بعضا من الكلام الروسي الذي يؤكد هذه الحقيقة، ويقول ان بوتين كان صريحا جدا في القمة مع الاسد حين خاطبه بالقول: «ان مصير سوريا بالنسبة لي شخصيا امر مهم جدا، ومصيرك انت بالنسبة لي امر مهم جدا، وطالما فلاديمير بوتين رئيسا للاتحاد الروسي.. بشار الاسد رئيس جمهورية سوريا». يستدرك القيادي الحزبي قائلاً: «صحيح انه لا يعني ربط المصير بين الرجلين، ولكن للدلالة على التمسك بالاسد على رأس سوريا».
خلال زيارة الاسد الى موسكو كان تركيز على التنسيق الامني والعسكري، حيث يتحدث القيادي في «8 آذار» عن وضع خرائط على الطاولة في القمة التي شارك في جانب منها مديرا الاستخبارات العسكرية الروسية والاستخبارات العامة الروسية، اللذان ارسلهما بوتين لاحقا الى دمشق لمتابعة التفاصيل مع الاستخبارات السورية. كما تم وضع اللمسات الأخيرة على إنشاء غرفة العمليات العسكرية في دمشق.
يؤكد القيادي ان كل التفاصيل والاحتمالات نوقشت في القمة الروسية ـ السورية، وخلاصتها: «نحن وانتم جنبا الى جنب مهما كلفت المعركة من تضحيات»، ويعتقد أن التعهد الذي قدمه بوتين للاسد يشدد على ان الحل السياسي يقوم على قاعدة «ما تقبل به سوريا وما يقبل به الأسد»، معتبراً أن «هذا هو حقيقة الكباش الحاصل على طاولة فيينا، حيث تجهد الولايات المتحدة الاميركية والدول التي تدور في فلكها في انتزاع تعهد روسي ببحث مصير الاسد، إلا أنهم يواجهون باللازمة التي يرددها الروس ان الشعب السوري هو الذي يقرر».
يلفت القيادي في «8 آذار» النظر إلى أن المشهد في قمة موسكو تطابق مع المشهد في قمة طهران، التي جاءت لتؤكد المؤكد لجهة التنسيق والتفاهم، ولترد على الترويج عن صراع نفوذ روسي ـ ايراني على الارض السورية. ويشير إلى المطالبة بتدخل روسي اكبر لجهة مضاعفة فاعلية الطيران الحربي الروسي عبر استقدام المزيد من الطائرات.
يشدد القيادي على ان «التنسيق ممتاز بين كل القوى المنخرطة في قتال الارهاب، وهناك مطالبة بزيادة التنسيق والتعاون، وهذا ما تكرّس في قمتي موسكو وطهران»، مشيراً إلى أن «الوضع صار افضل ميدانيا».