IMLebanon

القرود والموز

يحمل أحدهم قضية أو يمثل مؤسسة في مشهد الماراتون الجميل في بيروت ولو اننا نركض قرب النفايات في وطن الانقسام والمتاجرة حيث أوصلونا حتى الى عدم حل ملف صحي يؤذي صحة الجميع وهو ملف النفايات!

هذا الوطن أصبح مبنياً على التناقضات ومهدداً بها. فثمة من يريد خنقه وتعطيله والسيطرة عليه مهما كلف الثمن، وثمة من يريد البقاء في الوطن والامان في ربوعه والعمل فيه على رغم كل شيء. والاكيد ان الفئة الثانية أكثرية، لكنها اكثرية سلمت أمرها لأقلية وأصبحت واقعة في فخ الجمود والتعطيل وراضخة للأمر الواقع!

هذه الحالة التي نعيشها يمكن مقارنتها بما يسمى “ساندروم دو ستوكهولم”، أي عندما تعتاد الضحية الجلاد حتى حدود التعاطف معه والدفاع عنه. وهذا ما حصل في استوكهولم مع الرهائن الذين تعاطفوا مع من كان يحتجزهم. فهل اصبحنا في لبنان في اللاوعي نتعاطف مع من يرتهن ديموقراطيتنا ومؤسساتنا واستقرارنا وصحتنا؟هل أغرمت الضحية بالجلاد فاقنعت نفسها بانه ليس جلاداً لها وبأن ما يفعله بنا مسموح تحت عناوين يزعم من يزعم انه يدافع عنها!

ما يسمى “اعراض استوكهولم” أو “سندروم دو ستوكهولم” يمكن ان يفسر حالة اللبنانيين. أو ان هناك تجربة أخرى يمكن ان تنطبق ربما على احوالنا وهي تجربة أقامها بعض العلماء على قرود بوضعها في قفص وتعليق موزة في السقف مع سلم كي تتمكن من الصعود لأخذ الموزة. وعندما حاول قرد الصعود أنزلت مياه مثلجة في القفص فخافت كل القرود، ومن يومها لم يتجرأ أي منها على ان يستعمل السلم كي يلتقط الموزة مجدداً! ثم ادخلوا قروداً جديدة الى القفص لم تكن موجودة من قبل فحاولت الصعود لأخذ الموزة، لكن القرود القديمة التي ذاقت الطعم المرّ هجمت لمنعها فأوقفت المحاولة من دون فهم السبب. وبعدها أدخل “وفد” ثالث وايضاً لم يتجرأ أي منها على أكل الموزة حتى لو لم يذق طعم المياه المجلدة فأصبح أمراً واقعاً: ممنوع الصعود والمس بالطعام!

الأجيال رضخت للأمر الواقع لان ذهنيتها اعتادت فكرة عدم امكان التغيير، ومن حاول قبلك دفع الثمن، واذا أنت حاولت تُلام وتُعلّم انه يجب ألا نغيّر أو نحاول لأن النتائج يمكن ان تكون وخيمة على الجميع، ومحاولة التغيير يمكن ان تكلف كثيراً، فمن الأفضل التكيف مع الواقع وحتى القبول بعدم الأكل وحتى لو كان السلم موجوداً والطعام موجوداً. لكن اعتياد الجوع والرضوح أفضل من التغيير الذي يمكن ان يزعزع الاستقرار! نحن أصبحنا عالقين في هذا الفخ. فهل من قرر يوماً ان يقطع ايدينا كلما اردنا حقوقنا والتغيير، نجح فعلاً في أن يحولنا الى أجيال راضخة لا تعلم لمن أو لماذا؟