Site icon IMLebanon

وحوش رومية…

ما حصل في سجن رومية معيب ومرفوض ومقرف، ولا حدود لنعت هذه البربرية والوحشية. وربما تبيّن هذه التسريبات بعض الشيء ما يمكن أن يحصل في السجون من دون أن يعلم أحد، مع فارق وحيد أن هذه المرة تمّت التسريبات، وبرهنت قوة الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي مرة أخرى ان الدولة والمسؤولين يتحرّكون لأن هذه السلطة تهزّ الرأي العام! لكن هذه التسريبات تفتح ملفات وتساؤلات مختلفة منها:

أولاً: كيف يتم التعامل مع السجناء في هذا السجن، وكم أن السجون في لبنان في حاجة الى إعادة تأهيل لتصبح مكاناً للاصلاح لا للتعذيب، والهدف منه تحسين من يرتكب خطأ لا أن يخرج مجرماً أكثر أو حاقداً اكثر.

ثانياً: ما هدف هذه التسريبات وما الجدوى منها؟

ثالثاً: لماذا ارتبكت الدولة فأوضحت أن المعذبين ليسوا فقط من الموقوفين الاسلاميين مما يخفّف وطأة الجريمة، وكأن تعذيب الآخرين مسموح أو أقل خطورة أو كأنهم يخافون أقل، لأن تعذيب الآخرين لا يحرك شارعاً! فالجريمة هي نفسها، وتعذيب أي كان أمر خطر، ولو ان غير الاسلاميين لا يحركون شارعاً، فهذا لا يعني ان الوضع أفضل لكم!

رابعاً: طريقة التعذيب تكشف اضطراباً نفسياً ولذة في التعذيب عند من يمارسه، وهذا أمر خطر لدى مسؤولين وظيفتهم تحسين المجتمع والامن!

خامساً: في لبنان الكثير من المخابرات والأجهزة ما زالت تستعمل العنف والضرب لجعل المتهم يعترف، وبعض الأحيان في قضايا ليست خطرة، ويحصل أن مسؤولين أمنيين يخدمون أصدقاءهم ومعارفهم باستعمال السلطة وتسخيرها “ليشدوا” احداً أو يمارسوا عليه القسوة لكي يعترف! ولكن في أمور لا تمسّ بالأمن القومي كشيك من دون رصيد أو أي ملف آخر، من يحاسبهم؟ وهل العنف متاح في نظام ديموقراطي وفي بلد يعترف بحقوق الانسان؟

ربما لا نرى تسريبات لهذه الأمور، لكن فليعلم الرأي العام انها تجري دائماً، ويومياً يضرب أشخاص في تحقيق لكي يعترفوا ويعاملون بقسوة حتى من دون إثبات ذنبهم!

على الوزارات المختصة والمسؤولين، ولا سيما وزارات الدفاع والعدل والداخلية، أن يتعاونوا لوضع حدّ لهذه الاساليب، ومن هنا نبدأ بتحسين المجتمع والتطوّر لنكون دولة متحضرة تحترم الانسان روحاً وجسداً.

أما النقطة الاخيرة المطلوبة فهي ان تكون عقوبة من يقوم بالتعذيب صارمة كي يكون مثلاً لغيره، وليعلم غيره أن الناس وكراماتهم لا تمسّ، وأن السجين في السجن من أجل إصلاحه، وحتى لو لم يخرج منه، كي يكون في مكان آمن، لا كي يعامل كأنه حيوان بري! عفواً، في زمننا هذا حتى الحيوانات لا تعامل بهذه الطريقة…