Site icon IMLebanon

تقرير «موديز»… ضربة جديدة للمالية العامة

 

لم تكدِ الأسواقُ المالية تلتقط أنفاسَها حتى أتى تقرير «موديز» وخفضه تصنيف لبنان من B- الى Caa1 ليعيدَ الأجواءَ المتشنّجة الى الأسواق، ويبدّد الدعمَ المعنوي.

 

تكرّ سبحة الأجواء التشاؤمية حول الأوضاع المالية في لبنان في الفترة الأخيرة، فبعد تقرير «غولدمان ساكس» الذي تحدّث عن هيكلة الدين العام، أتى بالأمس تقريرُ مؤسسة التصنيف الإئتماني «موديز» ليخفض تصنيف لبنان من B- مع رؤية سلبية إلى Caa1 مع رؤية «مستقرّة»، في تصنيف يحصل عليه لبنان للمرة الأولى ليتساوى بذلك مع كل من العراق، الغابون وزامبيا.

 

ومن شأن هذا التراجع في التصنيف أن يخفض من قدرة لبنان على تمويل احتياجاته داخلياً وخارجياً، كونه ينعكس على قدرة لبنان على سداد ديونه في المرحلة المقبلة ويعيد طرح سيناريو إعادة جدولتها.

 

ووفق «موديز» يعود خفض التصنيف الى «التأخّر في تشكيل حكومة قادرة على وضع السياسات الإصلاحية العاجلة للسيطرة على الدين العام وكلفته ولتحريك عجلة النموّ الإقتصادي.

 

وعزا التقرير خفض التصنيف الى عوامل عدة منها: «إزدياد مخاطر السيولة والاستقرار المالي، غيابُ الحلّ الجدّي لخفض العجز في الموازنة وخلقُ فائض مرتفع في الميزان الأولي في سياق تقلّص التحويلات وتراجع نموّ الودائع المصرفية بشكل ملحوظ».

 

ورأى التقرير أنه يمكن للتصنيف أن يعود ويرتفع إذا قامت حكومة جديدة بإصلاحات مالية مهمة تدعم استقرارَ الاقتصاد الكلّي مع تخفيض نسبة الدين العام من دون الحاجة إلى هيكلته، كما يمكن أن يؤدّي تفاقم المشكلات المالية والتمويلية الى تخفيض التصنيف أكثر.

 

وكانت وكالة «موديز» خفضت الرؤية المستقبلية للبنان من مستقرّ إلى سلبي في كانون الأول الماضي؛ ولفتت حينها الى أنّ تأكيد التصنيف عند B3 يشترط تشكيلَ حكومة في المدى العاجل وتنفيذَ الإصلاحات التي من شأنها أن تضبط أوضاع المالية العامة والإستحصال على القروض الدولية من مؤتمر CEDRE، إلّا أنّ أيّاً من ذلك لم يتحقق.

 

الأسواق

 

وكانت تأثرت الأسواق بتخفيض «موديز» التصنيف الائتماني للبنان، فتعرّضت سنداتُ لبنان السيادية المقوَّمة بالدولار لضغوط أمس بفعل المخاوف من تخلّف محتمَل عن سداد الديون.

 

ونزلت سندات لبنان 2037 بمقدار 0.811 سنت ليجري تداولها عند 73.568 سنت، وفقاً لبيانات تريدويب، علماً أنّ السندات حققت مكاسب يوم الاثنين.

 

تغريدة خليل

 

وفي هذا السياق، علّق وزير المالية علي حسن خليل في تغريدة عبر تويتر على تقرير «موديز» فقال: «تقرير موديز يستكمل ما قلته الشهر الماضي بحيث تتأكد الحاجة إلى الإسراع في تشكيل حكومة لإطلاق عملية الإصلاح المالي وصولاً إلى تخفيف نسبة العجز والبدء بالمشاريع المقرَّرة في مؤتمر سيدر، وإنجاز سريع للموازنة العامة من ضمن هذه التوجّهات حتى لا نخسر مزيداً من الفرص.

 

ومن جهة أخرى ورغم التقرير، فإنّ الوضع المالي والنقدي يحافظ على استقراره واحتياجات الخزينة مؤمّنة وقادرة على الإيفاء بكل الالتزامات لاسيما الديون».

 

واعتبر خليل أنّ «اكتتاب قطر في سندات الخزينة يعزّز الثقة بالإصدارات التي يقوم بها لبنان وهو موضع تقدير ونأمل أن يكون مقدّمةً لانخراط دول ومؤسسات أكثر في دعم لبنان».

 

تداعيات قابلة للاحتواء

 

من جهته، اعتبر مدير قسم الأبحاث والدراسات في بنك عوده مروان بركات أنّ خفض موديز تصنيف لبنان هو بمثابة إنذار الى الدولة اللبنانية على ضرورة تحسين وضع المالية العامة واحتواء نسب المديونية والعجز.

 

وأكد بركات لـ«الجمهورية» أنّ هناك إمكانيةً كبيرة لهبوطٍ آمن على صعيد المالية العامة في حال تشكلت الحكومة في أسرع ما يمكن، واعتمدت الدولة الإصلاحات المطلوبة منها المبنية على التقشّف في الإنفاق العام، وتعزيز الإيرادات العامة لا سيما عن طريق تعزيز الجباية، اضافة الى إصلاح قطاع الكهرباء الذي يشكل نحو 30 في المئة من العجز الإجمالي للمالية العامة. وأكد بركات انّ اعتماد هذه الإجراءات من شأنه أن يخفض نسب العجز والمديونية لمستويات أكثر استدامة.

 

وأسف بركات لصدور هذا التقرير عشية إعلان قطر نيّتها الإستثمار في سندات خزينة الذي انعكس إيجاباً على الأسواق المالية التي سجّلت ارتفاعاً في اليوروبوند…، لكنه أكد أنّ التقرير ورغم سلبيته لم يلغِ كل النتائج الايجابية التي عكسها خبر إعلان قطر بدليل أنّ الأسواق المالية لم تتأثر كثيراً بالتقرير، صحيح أنها تراجعت أمس لكنّ التراجع طفيف مقارنةً مع التحسّن المسجَّل في الأسواق نتيجة إعلان قطر.

 

ورداً على سؤال، أوضح بركات أنّ التوقعات المستقبلية للفوائد غير مرتبطة بتقرير «موديز» إنما بالوضع السياسي في البلد بشكل عام، بدليل أنه إذا تحسّنت الأوضاع السياسية أي متى تألّفت الحكومة وبدأنا بالإصلاحات تنخفض الفوائد.

 

وأوضح أنه لا شك أنّ هناك تداعياتٍ لخفض التصنيف هذا، إلّا أنّ هذه التداعيات قابلة للاحتواء والدليل أوضاع الأسواق اليوم (أمس) التي لم تتأثر بتقرير «موديز» مثل سوق القطع، سوق السندات وسوق اليوروبوندز….