Site icon IMLebanon

مطلوب ميثاق أخلاقي

 

 

اذا قرر اللبنانيون كتابة تاريخ لبنان، فلا يستطيعون عمليا وواقعيا أن يكتب عن الوطن اللبناني أو الدولة اللبنانية تاريخ لبنان قبل سنة 1920، حيث احتفل اللبنانيون منذ سنتين بمرور 100 سنة على اعلان الكيان اللبناني من خلال ميثاق التعايش والحياة الواحدة في بقعة جغرافية رسمها قادة لبنانيون وعلى رأسهم البطريرك الحويك مع الانتداب الفرنسي بشخص الجنرال غورو.

 

أما المحطة الثانية في تاريخ لبنان فكانت سنة 1943 عند اعلان استقلال لبنان وانتهاء الانتداب الفرنسي وإعلان ميثاق دستوري سياسي هو ميثاق 1943 الذي صاغه الرئيس بشارة الخوري والرئيس رياض الصلح.

 

سنة 1989 كانت المحطة الثالثة بإقرار دستور الطائف في المملكة العربية السعودية برعاية أميركية وعربية. واتفاق الطائف هو الدستور اللبناني حاليا.

 

سنة 2019 انطلقت ثورة في لبنان تم اجهاضها رغم أنها فعلت فعلها في الشارع ودعت للتغيير وكانت موجهة ضد معظم الطبقة السياسية التي حكمت لبنان منذ 35 سنة وحتى اليوم.

 

بعد سنة 2019، تدهور الوضع في لبنان، وبشكل كارثي، حتى أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لم يتوان عن الإعلان ردّاً على سؤال صحفي أن لبنان ذاهب الى جهنم قبل سنة وأكثر من اليوم.

 

وبالفعل ذهب لبنان والشعب اللبناني الى جهنم والى أعمق من جهنم وتدهورت الأوضاع كلها فأصبح %90 من الشعب اللبناني تحت خط الفقر وخسرت العملة الوطنية الليرة اللبنانية من قيمتها %93 تجاه الدولار والعملات الأجنبية وسقط معدل النمو من %3 الى ما تحت الصفر وشبه الإفلاس الذي أدى بحكومة الرئيس حسان دياب الى عدم دفع الفوائد على مديونية لبنان مما أدى الى تصنيف لبنان سلبيا على المستوى الاقتصادي بشكل سلبي كبير في المجتمع الدولي كله.

 

بقي لبنان سنتين دون حكومة فعلية قادرة على الحكم وأسقط انفجار المرفأ حكومة الرئيس حسان دياب وحضر الرئيس الفرنسي ماكرون الى لبنان طارحاً مبادرة للإنقاذ. لكن الطبقة السياسية في لبنان أسقطت المشروع الفرنسي.

 

اليوم بعد عودة الثنائي الشيعي الوطني الى الحكومة، بعد تعطيلها 3 أشهر وهي حكومة تقريبا بنسبة %70 تمثل الطبقة السياسية اللبنانية.

 

مطلوب من هذه الحكومة ميثاق أخلاقي كي يخرج لبنان وشعبه من أكبر كارثة حلت به منذ 150 سنة كما أعلن البنك الدولي، وكما يعيش الشعب اللبناني في العذابات ونتائج الفساد الذي عمّ لبنان بشكل فظيع مدة 35 سنة.

 

الميثاق الأخلاقي يجب أن يضرب الفساد قبل وضع الموازنة وقبل أي مشروع آخر. وضرب الفساد بتفعيل المؤسسات وتطبيق الدستور والقوانين والهيئات الرقابية.

 

المطلوب وقف السرقات من خلال عدم تلزيم أي مشروع بالتراضي، بل عبر دائرة المناقصات بشكل شفافية كي لا يسرق أي وزير أموال وزارته والمال العام المرصود للمشاريع.

 

المطلوب وقف المحاصصة وخاصة في التعيينات وأهمها التشكيلات القضائية لأن المحاصصة جعلت الدولة مجموعة مزارع حكمتها الطبقة السياسية بمعظم تكاوينها.

 

عار وعيب على أي مسؤول من رئاسة الجمهورية الى رئاسة مجلس النواب الى رئاسة مجلس الوزراء وكل الوزراء والنواب ورؤساء المؤسسات المدنية والأمنية والعسكرية استغلال نفوذهم لتحقيق ثروات على حساب الشعب اللبناني.

 

مطلوب ميثاق أخلاقي بعدم التدخل في القضاء اللبناني في الأساسيات، لأننا نعرف أننا لن نصل الى المدينة الفاضلة للفرابي ولن نصل الى جمهورية أفلاطون بل سيبقى السياسيون يراجعون في القضاء لكننا نركز على عدم التدخل في القضاء في الأساسيات لأن الدستور جعل القضاء سلطة مستقلة لتطبيق القوانين على الشعب اللبناني بدقة ودون تفرقة.

 

مطلوب ميثاق أخلاقي لدولة مدنية في لبنان لا أن يكون لبنان مجموعة مزارع مذهبية كل مزرعة تريد جمهورها ومصالحه على حساب لبنان ككلّ.

 

مطلوب ميثاق أخلاقي إذا كانت الطبقة السياسية أو غيرها باتت تعتبر أن لبنان هو وطن نهائي أن تضع مصلحة لبنان فوق مصالحها المذهبية والشخصية وجمهور مؤيديها.

 

المطلوب ميثاق أخلاقي يلغي ارتباط أحزاب في الداخل مع جهات خارجية لمصالح شخصية وأن تكون العلاقات مع الخارج من قبل الأحزاب لمصلحة لبنان فقط.

 

إذا وضعنا هذا الميثاق الأخلاقي والتزمنا به، يعود لبنان دولة قوية وشعبه مصانة حقوقه ويخرج من الازمة الكارثية التي يعيشها والا تكون معظم الطبقة السياسية تستمر بجرائمها ضد الشعب اللبناني.

شارل أيوب