IMLebanon

موراتينوس وخرائط المنطقة.. و«سايكس بيكو»

المكوّنات السياسية مربكة، وتبدو عاجزة عن تحديد موقف من التطورات العربية والاقليمية والدولية المتسارعة، وحالة التخبط موجودة حتى ضمن الفريق الواحد. في الإجمال حالة ضياع سائدة في انتظار الآتي مع التسويات، المفترض انها مقبلة، وما سينال لبنان منها.

الجو الداخلي تغلب عليه الشخصانية والمواقف غير الواضحة، حتى ان البعض يرمي الكلام من دون تقدير النتائج والارتدادات، إلا ان ما يجمع الفرقاء انتظارهم جميعا تسويات كبرى على مستوى المنطقة، ولبنان سيكون له نصيب منها حتما. ما قد يفضي الى الإفراج عن استحقاقاته المعلّقة رئاسيا ونيابيا وحكوميا.

يستحضر أحد السياسيين كلاما لافتا لوزير الخارجية الاسباني السابق ميغيل انخيل موراتينوس في عشاء لرجال الأعمال بحضور سياسي واسع، قال فيه: «على اللبنانيين ان يفهموا أن سايكس بيكو انتهى والمنطقة كلّها تتغيّر، ولم يعد هناك أحد تلقون بمشكلاتكم عليه لكي يدير الحلول بشأنها، لا السوري ولا غير السوري، الكل مشغول بمشاكله الكبرى، وعليكم تدبّر أموركم بأنفسكم». مرّ هذا الكلام الخطير مرور الكرام، وتحـديدا قوله ان «سايكس بيكو» انتهى، أي اننا دخلنا مرحلة جديدة قوامها إما خرائط جديدة، وفي أحسن الأحوال توزيع مناطق نفوذ جديدة للقوى الدولية والاقليمية النافذة.

يلفت السياسي الانتباه الى ان «الحديث عن الكيانات الطائفية والمذهبية ليس بجديد، ففي العام 2002، أي مرحلة ما بعد أحداث 11 ايلول وما قبل احتلال العراق، يوم كان المحافظون الجدد في ذروة صعودهم، قيل الكثير عن هذا الامر وسُرّبت خرائط، واستمر هذا الكلام حتى العام 2013 حينما سرّبت خرائط لتقسيمات المنطقة تلحظ كيانات سنية وشيعية وواحدة علوية، وبعد الذي نشهده في سوريا والعراق، لا بد من وضع التطورات الميدانية في سياق العمل على تقسيم الدول الى كيانات من دون التسليم بأن هذا المخطط محتوم النجاح».

يقول السياسي «لا بد أن شــيئا جديدا ســيظهر، ومستويات كبرى على درجة عالية مــن النفــوذ تعمل بنشــاط مذهل. هل ثمة من لاحــظ ان الرئيــس التــركي رجــب طيب أردوغان (الداعم الاساسي للمجموعات المسلحة في سوريا والعراق) حيّا عملية تحــرير تكريت (من المجموعات التي تشبهها)، مرفــقا ذلك بالدعــوة الى عقد اتفــاق تركي عراقي حول الغاز؟ اذاً علينا التفتيش عن الغاز وممرات أنابيب النقل».

هنا، يلفت السياسي الى فهم حقيقة عدم انخراط باكستان في الحرب السعودية على اليمن «علينا التوقف ايضا، عند زيارة رئيس الوزراء الصيني قبل أسبوعين الى اسلام اباد، ومن المهم جدا ان ننظر الى الامور بعين المصالح، وان نعلم ايضا أن الاميركي هو من يقف وراء عدم انخراط دول مثل باكستان وتركيا ومصر مباشرة في الحرب على اليمن الى جانب السعودية، ولو أراد الاميركي ذلك لانخرط الجميع في الحرب».

وأما السبب المباشر لعدم مشاركة باكستان في الحرب على اليمن، فيرده سفير معني الى «ان هناك انبوب غاز بنته ايران ووصل الى الحدود مع باكستان، وتوقف العمل فيه لأسباب سياسية، ودخلت الصين على الخط، وأبدت استعدادا عمليا لدفع تكاليف إكمال بناء الخط عبر الاراضي الباكستانية وصولا الى الاراضي الصينية، وبالتالي تستفيد باكستان من الغاز ومن الرسوم لنقله عبر أراضيها، والصين يصلها الغاز بكلفة أقل، ولكي يسمح الاميركيون بذلك، تم الاتفاق معهم على ان تلتزم الشركات الاميركية باستكمال بناء الانبوب ومتمماته، خصوصا أن العقود التي وقعت بين الصين وباكستان بلغت قيمتها 46 مليار دولار، أي الغاز ايراني والاستفادة باكستانية وصينية والشركات أميركية».

ينتهي السياسي الى القول «ان المصالح الكبرى تتوزع، وعندما تكتمل الامور في نهاية حزيران بين ايران و5+1 سنرى ما هو نصيب لبنان، وعلينا ان نستريح قليلا على الرصيف، ريثما يحين موعد صعودنا قطار التسوية.. علما ان كل ما يجري اليوم ما هو إلا لعب في الوقت الضائع».