رحلة الرئيس دونالد ترامب الى الرياض والقدس وبيت لحم انتهت بمزيج من الأجوبة السهلة والأسئلة الصعبة. وأبسط ما ينطبق عليها هو قول الجنرال ديغول في رحلة قبل أكثر من نصف قرن: جئت الى الشرق المعقّد بأفكار بسيطة. فالشرط الأول للمشاركة في صنع التاريخ هو فهم التضاريس السياسية والإجتماعية والثقافية في الشرق الأوسط. وليس في زحام الأزمات مهرب من الذهاب في قراءة الخرائط الى ما هو أبعد من العناوين الكبيرة على مسرح الصراع الجيوسياسي. إذ لا محاربة الإرهاب والتطرّف مهمة تكتمل على المدى المتوسط، وان ألحقت التحالفات الأميركية والعربية والإسلامية الهزيمة ب داعش والقاعدة وبقية التنظيمات الإرهابية. ولا تسوية الصراع العربي – الإسرائيلي التي أوحى ترامب انه متحمّس لها وان فرصتها مفتوحة هي صفقة عقارية.
ذلك ان الرئيس الذي عومل في المنطقة كأنه امبراطور يواجه في واشنطن تحقيقاً دقيقاً تتكاثر فيه المعلومات والأدلة والإشاعات، وسط عاصفة سياسية تتجمّع. فهو في ورطة عنوانها الاتصالات بين أركان حملته الرئاسية ومسؤولين روس مرشحة لأن تسمى روسيا غيت. ولا أحد يعرف كيف يخرج منها.
ونحن في مآزق متداخلة لا نعرف كيف نخرج من بعضها، ولا يراد لنا الخروج من بعضها الآخر. نحن نراهن على ترامب والدور الأميركي. وهو يقول ان الحرب على الإرهاب والتطرّف حربنا، وأن اميركا تساعد لكنها لن تتحمّل كل أعباء الحرب وأكلافها بالنيابة عنّا.
وليست رحلة ترامب هي التي فتحت خطوط المواجهة في المنطقة. فالخطوط مرسومة من قبل الرحلة وقبل رئاسة أوباما. وما حدث في قمم الرياض، وخصوصاً القمة العربية – الإسلامية – الأميركية، هو تكريس التحوّل الأميركي في الموقف من المواجهة. وهو بالطبع أبعد من التخلي عن تعبير الإرهاب الإسلامي الراديكالي الذي كان ترامب يصرّ عليه، كما من تعبير الفاشية الجهادية الإسلامية الذي يستتخدمه كبير مستشاريه الإستراتيجيين ستيف بانون، والإعتراف بأن الإرهاب لا دين له. انه الإنتقال من رهان أوباما على دور ايران بعد الإتفاق النووي في نظام أمني إقليمي بالتفاهم مع واشنطن وبالتوازن مع أدوار تركيا والسعودية ومصر الى ضرب النفوذ الايراني ووضع طهران وحلفائها مع داعش والقاعدة في خانة الإرهاب.
والترجمة العملية لذلك ان المنطقة تتجه نحو المزيد من الصراعات على الطريق الى الإستقرار والأمن والتنمية حسب بيانات القمم. وإذا كانت ساحات المعركة مفتوحة، فإن الرئيس حسن روحاني ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف سارعا الى إعلان موقف واحد خلاصته لا إستقرار في المنطقة من دون مساهمة ايران.
وما أكثر الأسئلة الصعبة عن المعركة والإستقرار.