IMLebanon

أهمّ من قانون الانتخاب هو ما بعد ما بعده

أهمّ من قانون الانتخاب هو ما بعده، وما بعد بعده. وبنظرة واقعية الى ما رافق هذا القانون من صراع مرير في الفاضي والمليان، يتضح الآن انه عاد للانطلاق من سكته الصحيحة. وقد خرج هذا القانون من باب عين التينة، ودار دورة واسعة خلال الشهور الماضية، ثم عاد اليها من جديد ليدخل من الباب نفسه. وفي تلك الرحلة الدائرية العبثية، كان ما يعرقل التوصل الى حلول في الظاهر، هو تعقيدات تقنية بغطاء سياسي، بينما كانت العقدة الخفيّة الحقيقية مزيجاً من كيمياء شخصية مفقودة بين قيادات وازنة ومؤثرة، وتنطوي على نزعة اقصائية بخلفية منتصر ومهزوم لدى أحد الطرفين. ويبدو ان هذا الطرف المعني الذي فشل في تحقيق مراده، قرّر بنوع من الواقعية والتعقل، التراجع تكتيكيا لتمرير المرحلة، لأن المضي في النزال سيقود الى خسارة كاملة، ليس على مستوى الفريق فقط وانما على مستوى البلد أيضا!

منذ البداية، كان ثمة اقتناع لدى قلّة قليلة في الوطن بأن الحكمة هي ستطغى في النهاية لدى القيادات السياسية، وانه سيتم التوصل الى قانون انتخاب جديد بالتوافق، فيفي العهد الجديد بالوعد، ويكسب الوطن بكل مكوناته وفقا لمعادلة رابح – رابح. ويمكن التأكيد اليوم ان قانون الانتخاب المنتظر يقطع المسافة القصيرة المتبقية من رحلته الطويلة المعقدة والملتبسة، ليرسو على شاطئ الأمان. والأمل كبير بالوصول الى قانون جديد يؤمّن سلامة التمثيل بأقصى ما يمكن، وبأقل قدر من النعرات الطائفية والمذهبية. ومن المفارقات ان هذا الهدف المزدوج هو القاسم المشترك لدى الطرفين المتنافرين كيميائيا وسياسيا!

وأهم ما بعد قانون الانتخاب هو ما بعده، باجراء الانتخابات في أقرب توقيت ممكن، وانتظام عمل المؤسسات بأكبر قدر من التناغم، بما يتيح للعهد تشكيل حكومة جديدة فعّالة وتنطلق بدينامية لمعالجة الأزمات المعمّرة مثل الكهرباء والنفايات والمياه وغيرها، والتأسيس لمكافحة الفساد كنمط حياة ونهج مؤسسات رقابة دائم ومستمر، وغير قابل للالتفاف عليه مستقبلا. أما ما بعد ما بعد قانون الانتخاب، وهو الأهم والأخطر، فهو التركيز على تحصين الوطن من رياح عاتية تهبّ على المنطقة بأقوى مما كانت عليه في السابق، وهي نتيجة لتلاقي عقليات حكم كاسرة في أطماعها المجنونة من جهة، وعقليات جاهلية ومتحجّرة، من جهة ثانية…