Site icon IMLebanon

مزيداً من الصمود

بعد جلسة مجلس الوزراء أمس والتي شهدت نوعاً من النقاش البيزنطي بين الحكومة رئيساً وأعضاء وبين وزراء التيار العوني وحزب الله الداعم، بعد هذه الجلسة تبددت كل الآمال التي علّقها الرئيس تمام سلام على تفهّم الوزراء الأربعة لخطورة المرحلة التي يمر بها لبنان بسبب ما يجري في المنطقة من أحداث كبيرة تتداخل فيها كل العوامل الدولية والمساهمة في إعادة الانسجام إلى داخل الحكومة وتمكينها من الاستمرار في تسيير شؤون البلد إلى أن ترسي المنطقة على الحلول المرسومة أو المفترضة، ولا سيما بعد الاتفاق النووي بين الدول الست الكبرى وإيران والحديث المتنامي الذي كما يُجمع المراقبون، قد يفتح الطريق أمام إيجاد الحلول للنزاعات الدائرة في المنطقة كاليمن والعراق وسوريا ولبنان، وبالتالي لم يبقَ أمام رئيس الحكومة سوى الرضوخ لمشيئة وزراء حزب الله والتيار الوطني الحر، بوقف عجلة الدولة وحتى تسيير أعمال الحكومة، وإمّا بالسير في العمل الحكومي بمعزل عن التهديدات العونية بقلب الطاولة على الجميع، وهذا ما ينصح به الغيورون على الحكومة وعلى ضرورة استمرارها في تسيير شؤون البلاد والعباد إلى أن يتم انتخاب رئيس للجمهورية يتولى إعادة انتظام المؤسسات وعملها بالشكل الذي يلبّي احتياجات النّاس ومطالبها المشروعة.

لكن الرئيس سلام اختار الذهاب في مسار آخر كما يبدو من خلال ما نقل عنه زواره وما أوحى به في الجلسة الوزارية أمس وهذا المسار هو الاستقالة وتحويل الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال ما لم يتراجع التيار الوطني الحر وحزب الله عن سياسة المشاغبة والتعطيل وهي تنعكس سلباً على مجمل الأوضاع في البلاد حيث تتراكم فيها الأزمات على اختلافها، وهذا ما لا يشاركه فيه الكثيرون من الحريصين على الاستقرار في هذا البلد ولا سيما الرئيس نبيه برّي والنائب وليد جنبلاط الذي عبّر بصراحة عشية انعقاد الجلسة الوزارية عن رفضه التطاول على صلاحيات رئيس مجلس الوزراء وشدّد على وجود الالتزام بما ينص عليه اتفاق الطائف لجهة هذه الصلاحيات، وعدم السماح بالتطاول عليها أو الإنتقاص منها.

لكن الحوار الذي جرى داخل الجلسة بين الرئيس سلام وفريقه وبين وزيري التيار الوطني الحر كان أشبه ما يكون بحوار الطرشان، حيث تمترس الوزيران باسيل وبوصعب وراء صلاحيات رئيس الجمهورية كممثلين عن الرئيس، ورفضا السماع لوجهة نظر رئيس الحكومة المبنية على الدستور فيما يتعلق بالصلاحيات وبمسؤولية رئيس مجلس الوزراء تحديداً في وضع جدول الأعمال وفي إدارة الجلسة وفي اتخاذ القرارات، ما يعني أن التيار الوطني وحليفه لا يسعيان إلى حلول مقبولة من الجميع من أجل تفعيل عمل الحكومة بقدر ما يتمسكان بتعطيلها كما هو حال رئاسة الجمهورية ومجلس النواب وصولاً إلى دفع البلد للوقوع في الفوضى العامة بعد تعطيل كل مؤسساته الدستورية وبذلك يصبح موضوع إعادة النظر في النظام القائم وفق ما يراه حزب الله أمراً لا بدّ منه، ومن هنا بات المطلوب من الرئيس تمام سلام مزيداً من الصمود عند مواقفه، وعدم التخلي عن المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقه وفق ما يريد الفريق العوني وحلفاؤه.