IMLebanon

أكثر من اعتراض  وأقل من مقاطعة

يطمئن الوزيران سجعان قزي وآلان حكيم، مَن انشغل بالهم بانسحابهما من جلسة مجلس الوزراء أمس، الى أن انسحابهما أكثر من اعتراض وأقل من مقاطعة، وليس استقالة بالتأكيد.

لكن ما المانع أن يتحول الانسحاب الى غياب، أي أقل مرتبة من المقاطعة، في حال استمرت الأسباب التي دفعت بهما الى الانسحاب؟

بالطبع، ليس في الحكومة مَن يتوقع تكرار تجربة الوزير أشرف ريفي الاستقالية، بسبب اختلاف الظروف والدوافع، انما من حق مَن اكتووا بانقطاع مجلس الوزراء عن الاجتماع سحابة خمسة أشهر العام الماضي، التحسب لتكرار التجربة التي بدأت بالانسحاب، تسجيلاً لموقف، وانتهت موقفاً بحد ذاته.

والمشكلة حبلٌ من مَسد، كلما حللت عقدة برزت أخرى. ومشكلة اليوم هي مشكلة الأمس وما قبله، حتى عشرة أشهر الى الوراء، إنها النفايات الممنوعة من الصرف أو التصريف. واذا أمكن تسكينها، بالمهدئات السياسية، على اعتبار أن لبنان ما زال خارج دائرة الحلول، تبقى ثمة مشكلة أخرى جاهزة للالتهاب، كسدّ جنّة الذي تكفّل حتى الآن بإغراق جلسات الحكومة، أكثر من مرة. واذا صدف وغاب سد جنّة، خلف ظلال ملفات أخرى، فلا شك أن في درج الأزمات اللبنانية، ملفات أخرى مجهزة بالصواعق…

المهم كما يبدو، ابقاء حرارة الجسم

اللبناني فوق السابعة والثلاثين، بنصف درجة، على الأقل، كي يمكن مداواته بالاسبيرين، بانتظار السماح بالمعالجة الفعلية، بدءاً من انتخاب رئيس للجمهورية المبتورة الرأس.

بعض الأوساط المعنية بتعطيل الانتخاب الرئاسي، رفعت الصوت على الحكومة العاجزة اثر ضبط الجيش جهازاً تجسسياً اسرائيلياً في جبال الباروك… وأضافت الى شواهد عجز هذه الحكومة استباحة شبكات اتصالاتها، واختلاط قوانين انتخاباتها بملفات نفاياتها، مع تجاهل الشاهد الأكبر على هذا العجز، والمتمثل بالفشل في انتخاب رئيس للجمهورية، بعد أربعين جلسة نيابية بدون نصاب!

واضافة على مضاف، لا أحد يتذكر من المعنيين انه جزء من حكومة بلا موازنة، ولا قطع حساب منذ أكثر من عشر سنوات، وعجز بلد تغيب عنه المؤسسات الرقابية لينشط الفساد، الذي يغطي ٣٢ بالمئة من موازنة الدولة القائمة على السلفات، بما يساوي، في تقدير وزير الاقتصاد ألان حكيم، نحو أربعة مليارات من الدولارات، بدليل بلوغ الانفاق العام سنة ٢٠١٥ ١٣ مليار دولار، بينما الايرادات ٩ مليارات، ويضاف الى الأربعة مليارات أربعة أخرى، تدرج في خانة الفرص الضائعة…

ويسأل بعض الخبراء عن مصير الوفر المفترض تحقيقه من جانب مالية الدولة، في الفاتورة النفطية نتيجة الهبوط الكبير بالأسعار، والذي يقارب المليار ونصف المليار دولار منذ العام ٢٠١٤؟…

ومع كل ذلك، تستمر المحاصصة والتراضي في قلب كل خلاف واتفاق، بمعزل عن القضايا الجوهرية، التي لا مكان لها خارج نطاق الخطابات الشعبوية، التي سنسمع الكثير منها في مواسم الافطارات الرمضانية.

كما يستمر تجاهل الاستحقاق الرئاسي، حتى عشيّة موعد الجلسة التي سرعان ما تطير بأجنحة اللانصاب.

بعد التصريح المرن للنائب وليد جنبلاط حيال فرصة العماد عون الرئاسية، اتسعت ابتسامات أركان التيار الوطني الحر، واذا بالسفير ريتشارد جونز، يقول بعد لقائه الرئيس سلام، انه ليس متأكدا من ان فرصة انتخاب الرئيس أزفت، لكنه حذّر السياسيين من ان الوقت لا يعمل لصالحهم…

والانطباع العام ان انتخاب رئيس للبنان لن يكون قبل اطمئنان طهران الى الساكن الجديد في البيت الأبيض، وبالتالي فان على أهل المسؤولية عندنا أن يتابعوا السير على رؤوس الأصابع، ومن المبكر المشي فرشخة…