Site icon IMLebanon

في انتظار المزيد

 

 

هي الصراحة المطلقة يجب ان تكون شعار اللبنانيين وممارستهم إذا كنا نريد استخلاص العبر من جريمة 4 آب وقرّرنا وقف ما خلفته من انفعال وتعميمٍ للقرف واليأس ودعوات الى الهجرة حتى عبر “قوارب الموت”.

 

أول البوح، إعلان الارتياح لفرض عقوبات، وتمنيات بأن تطاول المنظومة الحاكمة من الرأس الى الأساس. لم تحافظ السلطة على قواسم مشتركة تتيح التعاطف والتغني بالسيادة بعدما أثبتت عداءها للشعب بالفساد والإفساد والإفقار والتسبب بتدمير نصف العاصمة وتشريد مئات الآلاف. ومضحك استهجانها “كرباج” العقوبات بعد ابتلاعها “بهدلات” ماكرون والسفراء والموظفين الأجانب الصغار. وليس تجميد الحسابات والحرمان من التأشيرات قصاصاً عادلاً لهؤلاء إذ إن العدالة تقتضي ان يُزجُّوا جميعاً في السجون ويتعرضوا لعملية اجتثاث، أسوةً بدول كثيرة عَلِقت في براثن طُغَم مافيوية وايديولوجيات شمولية أجرمت في حق أوطانها والناس.

 

ليست العقوبات حلاً سحرياً، خصوصاً إذا كانت جزءاً من سياق يتعلق بمصالح دولة مثل الولايات المتحدة، تستخدمها في اطار استراتيجيتها لمحاربة خصومها وأذرعهم، وتحجبُها حين يكون الفساد خادماً لمصالحها، غير ان اللبنانيين الذين انهارت ثقتهم بدولتهم وبنظامهم القضائي واختبروا على مدى ثلاثين عاماً “نجاح” الفساد وإفلات مرتكبي الجرائم والاغتيالات من القصاص، لم يعد لديهم إلا التمسك بقشة العقوبات، علَّ سيف هذا الاجراء الخارجي يردع من يوضع على رقبته ومَن تسوّل له نفسه الإمعان في إرساء شريعة الغاب.

 

يشبه الأملُ بعقوبات إضافيةِِ المطالبةَ المحقة بتحقيق دولي في تفجير مرفأ بيروت، وقبلَها الاصرار على المحكمة الدولية لكشف اغتيال الرئيس رفيق الحريري. فالجامعُ فقدانُ الثقة بالدولة والقناعةُ بأن قوى السلطة والأمر الواقع عنوانُها الخداع ووسيلتها الإنكار وإحراق الأدلة، ثم الوقاحة في اتهام الآخرين بالتآمر ضد مصلحة لبنان.

 

يتحمل كل أركان السلطة مسؤولية دفع اللبنانيين الى التعلق بإجراء يتخذه الأجانب، اميركيون او فرنسيون او عرب، في حق مواطنيهم لنيل جزء من الحق وتهدئة النفوس ببعض الثأر، ذلك ان أهل النظام أقفلوه على مصالحهم ومحاصصاتهم وتسلطهم على الدولة ومقدراتها، فعاثوا فساداً طولاً وعرضاً، لا بل أخذوا البلاد الى محور يعادي العرب ومصالح أكثرية اللبنانيين، مصادرين الحاضر والمستقبل وجاعلين الحياة مليئة بمفاجآت مرعبة أصغرها حرب “لو كنتُ أعلم” وأسوأها كارثة “نعم كنتُ أعلم”.

 

ليست العقوبات أوسمة على صدور من تطاولهم، وهي قد تكون ظالمة بحق البعض، لكن من حق اللبنانيين انتظار لائحة طويلة بمرارة وأمل، ذلك ان السلطة التي أنكرت ثورة 17 تشرين وحالت دون أي تغيير يعيد تكوين المؤسسات الدستورية، لم تترك لهم ضوءاََ في نهاية النفق أو بصيص بديل، بل أكثر من ذلك لا تزال مصرة على ابتزاز المبادرة الفرنسية والرئيس المكلف واستخدام الأجهزة الأمنية لقمع الناس متسلحة بضمانة ودور السلاح غير الشرعي.

 

تقاوم “المنظومة” بالنار والدخان والرصاص والتفجير والتهشيل أي تغيير ديموقراطي إصلاحي من الداخل، فلماذا تستغرب ترحيب المتضررين بالعقوبات وسؤالهم هل من مزيد؟