دور جديد يرتضيه النائب السابق مصباح الأحدب لنفسه. هو اليوم يترأس لائحة «طرابلس عاصمة» للانتخابات البلدية. أقاويل كثيرة رافقت إعلانه رغبته في الترشح، أبرزها أنه «مدفوش» من الرئيس السابق نجيب ميقاتي لغايات في نفس نائب طرابلس. الرجل ينفي ذلك، مؤكداً أن معركته إنمائية هدفها رفع الحرمان عن طرابلس
في «شارع الكزدورة» في طرابلس، شابان يرتدي كل منهما قميصاً أزرق يوزعان عدداً من المنشورات الزرقاء. وردة بيضاء وخطّ أبيض، شعار لائحة «طرابس عاصمة» التي يرأسها النائب السابق مصباح الأحدب.
فريق «طرابلس عاصمة» الذي وُقّع المنشور باسمه يُحدد الانتخابات البلدية الأحد المقبل بأنها «معركة لرفع الحرمان عن طرابلس التي تم إفقار أهلها حتى يُصبحوا وقوداً لمعارك سياسية وأمنية خدمة لحسابات خاطئة». هذه المجموعة «الشبابية» أخذت على عاتقها الالتزام «بمشروع تنموي اجتماعي إنقاذي»، أبرز بنوده خلق فرص عمل لما يزيد على ألفي شاب وشابة في المدينة.
بعد «حاجز المحبة» هذا، تجول لائحة «طرابلس عاصمة» المؤلفة من 18 عضواً في شوارع المدينة «على الماشي». هذه هي «حيلة» كلّ المرشحين إلى الانتخابات البلدية في مدينة طرابلس. يدورون بين الأحياء والأسواق الشعبية. يُحدّثون الناس الذين يكدّون يومياً للحصول على لقمة عيشهم. كلّ فريق يريد إقناع الطرابلسيين بالاقتراع له. يُترك أهل المدينة يرزحون تحت الفقر المدقع، ثم تُطلَب أصواتهم مرة كلّ ست أو أربع سنوات.
يُسجّل أنصار الأحدب له أنه لم يكن جزءاً من «العصابة» التي غذّت مادياً وعسكرياً الجماعات المتطرفة في المدينة. في منزله، الحركة من نوع آخر، وإن كانت تصبّ في الهدف نفسه. مساعد الأحدب رجب إبراهيم يتولى تحديد مواعيد «الأستاذ». بين الاتصال والاتصال، يفتح رجب الباب مُستقبلاً الضيوف. لافتة عريضة رُفعت في المنزل عليها شعارات اللائحة، هذه هي خلفية المؤتمرات الصحافية التي يعقدها الأحدب. قبل أن يبدأ النائب الشمالي السابق حديثه السياسي، يختار أن يري ضيفه اللوحات التي رسمتها ابنته يوم كانت طفلة: «اليوم نالت جائزة في الرسم. كنت أول من شجعها في صغرها عبر تعليق لوحاتها». يفخر بنجاح ابنته، آملاً أن يتلاقى القدران فتفخر العائلة به بعد فرز صناديق الاقتراع. يحسم أنه «نازل تا إربح»، على الرغم من أنه لا يحسبها كثيراً، «فالأرقام لا تعنيني».
ابن صاحب شركة النقليات الطرابلسية عوني الأحدب. القنصل الفخري السابق لفرنسا في لبنان. نائب الشمال السابق لدورات الـ1996 والـ2000 والـ2006. والمرشح المحتمل إلى النيابة أو لتولي منصب وزاري، «تواضع» أخيراً. وبدل كلّ هذه «الإغراءات»، رضي بالترشح لمنصب رئيس بلدية لطرابلس. مصادر متنوعة في المدينة ترى أنّ معركة البلدية شبه محسومة لصالح لائحة التوافق. لذلك إمكانية خرق الأحدب تبقى محصورة بشخصه، ما يعني أمرين: إما أن يستقيل وإما أن يقبل بنصيبه كعضو في البلدية. في الحالتين سيكون قد أقصى نفسه بنفسه من الصورة السياسية الوطنية و«تحجّم» على الصعيد الطرابلسي. لفظ الأحدب بعيداً النصائح التي تلقّاها بأن لا يتخذ هذا الدرب. إلا أنه آثر المضي قدماً لاقتناعه بأن «البلدية هي سلطة تنفيذية. إذا فزتُ، فسأكون قادراً على تنفيذ المشاريع». يشرح في لقاء مع «الأخبار» أنّ مجلس النواب «لم يجتمع منذ فترة. ولنحسب أني انتُخبت نائباً، من سيُنفّذ؟ كلهم لم يصرفوا فرنكاً على طرابلس إلا من أجل تسليح الناس. نريد أن نسحب فتيل الجولة الـ22».
الرجل الذي يصف الطرابلسيين بأنهم «قرفانين من الوضع»، يحصر الانتخابات في المدينة بين حدّين: «معركة المشروع ووجود فريق يعرف ماذا يريد وماذا يُحضّر للمدينة، ومعركة اللامشروع، أي أتباع سياسة قال لي وقلنا له، يعني اللائحة التوافقية ولائحة أشرف ريفي». أما هو فيترفع عن «معركة تحديد الأحجام. هذا منطقهم هم». يستفزّه أن «تتحول المدينة إلى بؤرة أمنية وأن لا يكون أصحاب القرار في بيروت قادرين على تأمين شيء لها: نحن بحاجة إلى سنوات قبل القبض من الضمان الاجتماعي، المرافق الاقتصادية يعمل منها 2٪ فقط، المصافي أصبحت تنفيعية فقط. بالخلاصة، هناك شيء اسمه بلدية نسمع الكثير من الفضائح المرتبطة بها». يقول إنه بادَر «وحضّرنا منذ ستة أشهر دراسة إنمائية لطرابلس تشمل كلّ القطاعات. هناك مدينة تراثية من القرن الثالث عشر، يجب الإضاءة عليها».
يُحاول الأحدب من خلال هذا العنوان الإنمائي نفي الخبريات التي انتشرت في المدينة وتنقلها مصادر متنوعة بين لائحة التوافق واللائحة التي يدعمها وزير العدل أشرف ريفي بأن «حركة الأحدب هي بالتنسيق مع الرئيس السابق نجيب ميقاتي الذي يُموّل الماكينة الانتخابية الأحدبية». والسبب أنّ ميقاتي يهدف «إلى حصر الزعامة الطرابلسية بشخصه ويُدرك أنّ الأحدب سيأكل من صحن تيار المستقبل الذي ستنخفض بذلك قدرته التجييرية، فيظهر حجمه الحقيقي». إضافة إلى ذلك، تتحدث المصادر عن أنّ ميقاتي «أغلق ملف الدعوى القضائية المرفوعة ضد الأحدب من قبل نجيب المصري»، بجرم إصدار شيك بقيمة 53 ألف دولار، بلا رصيد. التضامن الميقاتي مع الأحدب في هذا الملّف يصبّ في سياق الردّ غير المباشر على ريفي، إذ إن الدعوى القضائية رُفعت من مكتب زوجة وزير العدل المستقيل.
يسبق النائب السابق، الذي تنحصر علاقته بميقاتي عبر مستشار الأخير السياسي خلدون الشريف، الضيف إلى نقل «حكايات» الشارع الطرابلسي. يهزأ بها، قبل أن يوضح أنه في موضوع الشيك بلا رصيد «ميقاتي تضامن معي كابن البلد. شكرته وقلت له إنه تصرف بأخلاق. ولكن لو كان يقبل معي السير بمشروع الـ2000 وظيفة لكنت التزمت معه. هذا لم يحصل». ومن أين يموّل ماكينته الانتخابية؟ يجيب الأحدب: «ثمة الكثير من الموظفين في مؤسسات نملكها، نستفيد من وجودهم في الماكينة». العمل يتركز على مواقع التواصل الاجتماعي… و«شبوبية» ابن الـ54 عاماً. يشكو «غياب السيولة المالية» عن ماكينته: «بالمال هني بيربحو». ولكن هو يتفوق في «إمكانية تحصيل حق أهل طرابلس».