Site icon IMLebanon

“شم الهوا” في موسكو

 

 

أولى النتائج من زيارة رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل إلى روسيا أن ما يأخذه الفريق الرئاسي في بيروت على الرئيس المكلف سعد الحريري بأن الحكومة تُشكل في لبنان وليس عبر أسفاره إلى الخارج ولقاءاته في عدد من العواصم المعنية والتي اعتبرها الرئيس ميشال عون لـ”شم الهوا”، بات مأخذاً على هذا الفريق أيضاً. فلقاء باسيل مع وزير الخارجية سيرغي لافروف ونائبه ألكسندر بوغدانوف في العاصمة الروسية تناول موضوع الحكومة بالتفصيل وهذا يمكن الاستدلال عليه من تصريحه قبل معرفة حقيقة ما دار بينه وبين المسؤولين الروس.

 

على رغم أن باسيل قال إن “روسيا لا تتدخل بالشؤون الداخلية… ونحن كلنا بانتظار ان يأخذ رئيس الحكومة المكلف قراره بالسير بتشكيل الحكومة والأهم قراره بالإصلاح”، فإن كلامه هذا كاف للإشارة الى أنه تناول معها التفاصيل. اعتاد باسيل تغليف سعيه إلى تكبير الحصة الوزارية لفريقه بتكبير حجر الشعارات التي يطلقها. ولم يشذ في موسكو المطلعة في العمق على كافة التفاصيل والمداولات حول عقد تأليف الحكومة، والتي باتت علنية ومعروفة من أقوال كافة أطرافها سواء الحريري وتصريحات نوابه، أو باسيل نفسه ونواب تكتله.

 

تحت عنوان دعوته موسكو “لحماية التنوع والأقليات في لبنان وفي المنطقة وللحفاظ على دورها الكامل في الادارة والسياسة والاقتصاد، وعلى خصوصية لبنان ودور المسيحيين والمناصفة”، بإمكان رئيس “التيار الحر” المطالبة بحق تسمية الوزيرين المسيحيين المتبقيين، في صيغة الـ 888 في حكومة من 24 وزيراً، مع أنها بلا ثلث معطل، والمطروحة منذ أكثر من شهر، والعالقة عند قصة هذين الوزيرين اللذين إذا لم يسمهما الفريق الرئاسي “لن يكون هناك دور كامل” للمسيحيين. (العبارة التي استعملها في موسكو أمس عن المناصفة وتوصيفه للدور المسيحي).

 

قد تكون موسكو استخدمت توجيه نواب في الدوما الدعوة إلى باسيل لزيارتها كإحدى الإشارات لإثارة الجانب الأميركي، بأنها تستقبل عن سابق تصميم رجلاً خاضعاً لعقوبات وزارة الخزانة فيها، في ظل التوتر الذي يسود في علاقة الدولتين العظميين منذ أسابيع، بفعل العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس جو بايدن على روسيا، نتيجة الخلاف على تصاعد التوتر في أوكرانيا وفي دول أخرى في أوروبا الشرقية. إلا أن الجانب الروسي هو الذي يعرف كيف يستثمر هذه الرسالة إذا كانت كذلك، بينما الضيف اللبناني يتخبط بين “روحانيات المشرقية” في موسكو وتأييد دورها في تثبيت بشار الأسد في الرئاسة ودعوتها إلى بناء مصافي النفط في لبنان والمساهمة في بناء المرفأ… وبين تقديم عروض في بيروت للجانب الأميركي بالاستعداد لمعاودة مفاوضات ترسيم الحدود البحرية والتوصل إلى تسوية عبر فريق ثالث هو شركات النفط… فواشنطن لم تستسغ أصلاً عروض الحريري على موسكو أن تساهم في إعادة إعمار المرفأ وغيره خلال زيارته إليها، فكيف سيكون الأمر مع الإغراءات التي يطرحها باسيل، عليها وعلى موسكو سوياً في لعبة صغيرة لها قواعدها بين الكبار.

 

في انتظار ظهور حصيلة المسعى الذي تقوم به موسكو لتسريع قيام الحكومة، ومصدره قلقها ذو البعد الاستراتيجي، من اهتزاز كبير في لبنان يهدد استقرار أمنه الهش، ويؤثر على سوريا حيث لها مصالح وقوات، نظراً إلى تداخل بين البلدين، يبدو اعتقاد البعض أن بإمكانه جني المكاسب من إقحام رأسه ومعه البلد، في تعقيدات العلاقة بين الجبارين، وهم كبير، فيما يدعو بايدن إلى الحوار حول مواضيع الصراع بينهما.