يعوّل لبنان في هذه الظروف المصيرية التي يمرّ بها على أصدقائه في معظم الدول المعنية بالشأن اللبناني، نظراً لصعوبة أو استحالة أن تُحلّ الخلافات في الداخل، إضافة إلى العامل الأبرز والذي يتمثل بالتدخلات الإقليمية وسياسات المحاور التي تغرق الساحة الداخلية بالخلافات والإنقسامات، وهذا ما تفاقم في الآونة الأخيرة، إضافة إلى الإنهيار الإقتصادي والظروف المعيشية والحياتية التي تنذر بما لا يحمد عقباه، وخصوصاً في حال لم تصل معالجات فورية، وفي أسرع وقت ممكن قبل تجاوز كل الخطوط والدخول في فوضى عارمة.
في هذا الإطار، تشير مصادر متابعة للدور الروسي إلى أن موسكو تواكب الوضع اللبناني ودورها لم يغب عن الساحة اللبنانية، إنما ثمة ظروف تتعلق يجائحة كورونا ، إضافة إلى عوامل أخرى وأسباب خاصة ببعض المسؤولين الروس، وتحديداً من يتولون ملف لبنان والشرق الأوسط، دفعت نحو الإنطباع بانحسار دور موسكو، وخصوصاً بعد المبادرات التي انطلقت من قبل دول أخرى ومنها باريس، أي التسوية الفرنسية ـ الإيرانية التي ساهمت بتشكيل الحكومة الحالية والتي دعمتها روسيا، وقد كان لنائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، اتصال طويل مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في حينه تناول تطورات هذه العملية.
وأمّا عن جديد هذا الدور والمساعي التي تتولاها موسكو، تضيف المصادر، أن بوغدانوف الذي لم يكن متواجداً في موسكو خلال زيارة وزير الخارجية عبدالله بوحبيب، على بيّنة بكل تفاصيل الوضع في لبنان، فموسكو ومن خلال نائب وزير خارجيتها تقوم باتصالات ومشاورات حثيثة مع الدول الاقليمية التي تُعنى بالشأن اللبناني وتبادر إلى ممارسة ضغوط على بعض الأطراف والقوى السياسية والحزبية، من أجل تسهيل مهام وعمل الحكومة الحالية، إذ أعرب المسؤولون الروس لوزير الخارجية، عن قلقهم واستيائهم من تعطيل وشلل عمل الحكومة. وبناءً علي فإن بوغدانوف بدأ اتصالات ومشاورات مع بعض القوى الإقليمية حول أكثر من ملف له صلة بتعطيل الحكومة، إضافة إلى أزمات أخرى وتحديداً الخلاف بين لبنان ودول الخليج.
وتتابع المصادر نفسها، لافتة إلى أن بوغدانوف يعمل على بقاء الحكومة وحلّ الخلافات بين مكوّناتها، من خلال أصدقائه في لبنان وفي الإقليم، لأن روسيا تدرك أن بقاء الحكومة أمرٌ في غاية الأهمية في هذه المرحلة، إذ في حال استقالتها من الصعوبة تشكيل حكومة، كذلك، فإن بقاءها، وعلى الرغم من كل التباينات والإنقسامات يبقى أفضل من عدم وجود حكومة، لأن موسكو تعتبر أن الفراغ سيؤدي الى فوضى وإشكالات والمزيد من الإنهيار الإقتصادي، وبالتالي، فإن موسكو حريصة إلى أبعد الحدود على أمن سوريا ولبنان باعتبارهما أن أي خلل يصيب بلداً منهما سيدفع ثمنه البلدان.
ومن خلال هذه المؤشرات، تقوم موسكو بدورٍ يتمحور حول دعم استقرار لبنان ومساعدته والتواصل مع اصدقائها عند الحاجة، في حين أن الصور التي التقطتها الاقمار الإصطناعية الروسية لمرفأ بيروت، وسلّمتها إلى الوزير بوحبيب خلال زيارته لموسكو، إنما هدفت للمساعدة، وبالتالي باتت في عهدة الخبراء الذين وحدهم من سيحلّون كل الألغاز، ودور موسكو انتهى عند تسليم الصور وكانت أكدت أمام بوحبيب، أن روسيا مستعدة لإرسال شركات عملاقة من أجل إعادة إعمار المرفأ أو القيام بمشاريع كبيرة، وهذا موضع متابعة من خلال دور السفير الروسي في بيروت الكسندر روداكوف.