Site icon IMLebanon

كواليس التعزية الروسية لرعد

 

سعت موسكو، ولا تزال، عبر ديبلوماسيتها الناشطة، إلى منع تمدّد نيران الحرب الإسرائيلية على غزة في اتجاه براميل البارود التي يقيم الشرق الأوسط فوقها، وهذا ما ركّز عليه وزير الخارجية سيرغي لافروف في مداولاته مع نظرائه في الدول المعنية، فيما كان نائبه ميخائيل بوغدانوف يرسل إلى رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد تعزية معبّرة باستشهاد ابنه عباس في الجنوب.

بدت لافتة للانتباه التعزية الروسية، ولو بالواسطة، للنائب رعد باستشهاد ابنه عباس نتيجة اعتداء اسرائيلي على بلدة بيت ياحون. وكان نائب وزبر الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف قد تمنّى على الرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، خلال اتصال هاتفي بينهما، نقل تعازيه الى رعد، في مبادرة لا تخلو من دلالات سياسية، على الرغم من انّ طابعها وجداني.

وبالطبع، لا يمكن فصل هذه المبادرة من ممثل دولة عظمى عن العلاقة الممتازة التي تربط الروس بـ«حزب الله»، واحترامهم لموقعه في المعادلتين الداخلية والاقليمية، وصولاً الى التقاطع او التلاقي بينهم وبينه حول خيارات استراتيجية، خصوصاً في مواجهة السياسات الأميركية التي أصبحت روسيا اكثر شراسة في التصدّي لها بعد اندلاع الحرب الاوكرانية.

 

وتبدي موسكو منذ بداية العدوان الاسرائيلي على غزة اهتماماً بألاّ تتدحرج الجبهة الجنوبية مع فلسطين المحتلة نحو حرب شاملة، تضع الإقليم في مهبّ الريح، وهي وجّهت نصائح الى «حزب الله» عبر ممرات ديبلوماسية عدة بوجوب ضبط النفس وتفادي إعطاء بنيامين نتنياهو المتوتر، ذرائع لشن هجوم واسع على لبنان من أجل استعادة الهيبة المفقودة، خصوصاً انّه قد يحاول الاستفادة من فرصة الوجود العسكري الأميركي في المتوسط بعد 7 تشرين الاول لمهاجمة الحزب ولبنان.

 

ويكشف المطلعون انّ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونائبه بوغدانوف ناقشا مخاطر الوضع مع الدول الفاعلة في المنطقة، وانّ لافروف شدّد خلال تواصله مع نظرائه في الإقليم على وجوب عدم السماح بتوسيع الجبهات وتهديد استقرار لبنان، وقد لمس عبر مشاوراته أن ليس لدى احد مصلحة في مزيد من تدهور الامور على جبهة الجنوب، ولكن ما يخشاه هو انّه لا يمكن الضبط التام لإيقاع الحروب وإخضاعها الى قواعد صارمة، وبالتالي فإنّ ارتكاب اي خطأ في التقدير او حصول خرق واسع لقواعد الاشتباك ربما يؤدي إلى الانزلاق نحو مواجهة كبرى، ولذا لا بدّ، في رأيه، من الحذر والانتباه.

 

وتفيد المعلومات، انّه وخلال الاتصال بين بوغدانوف وجنبلاط في حضور سفير لبنان لدى موسكو وعميد السلك الديبلوماسي العربي شوقي بو نصار، أعرب جنبلاط عن قلقه من احتمال ان تلجأ اسرائيل الى توسيع رقعة الحرب في اتجاه لبنان، فأجابه الديبلوماسي الروسي بأنّ مخاوفه واقعية، موضحاً له انّ لافروف يتواصل مع تل أبيب لحضّها على تفادي التصعيد ضدّ لبنان.

 

ويُنقل عن بوغدانوف انّ علاقة بلاده مع إسرائيل متراجعة في هذه المرحلة بفعل تداعيات الحرب في اوكرانيا، «وسفيرها يتهمنا باتخاذ موقف متقدّم عن بعض العرب ضدّ دولته، وبالتالي ليست لدى روسيا حالياً قوة ضغط كافية عليها، بعدما أصبحت متماهية مع الأميركيين مئة في المئة»، الّا انّه يؤكّد في الوقت نفسه استمرار التواصل معها لدعوتها الى التروي والتهدئة.

 

وعلم انّه أثناء اجتماع بوغدانوف مع بو نصار، أبلغ السفير اللبناني اليه أنّ ابن النائب محمد رعد استُشهد في الجنوب، فأبدى بوغدانوف تأثراً، فيما روى له بو نصار كيف أنّ «حزب الله» لا يميز في التضحيات التي يقدّمها بين ابناء مسؤوليه والمقاتلين العاديين، بدءاً من ابن الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، «وهناك إجماع داخلي على احترام هذه الظاهرة على الرغم من خلافات البعض سياسياً مع الحزب».

وضمن سياق النقاش، تمنّى بوغدانوف على السفير اللبناني إيصال تعازيه الى رعد، قبل أن ينقل هذا الطلب لاحقاً الى جنبلاط الذي أشاد الديبلوماسي الروسي بمواقفه الحكيمة والمسؤولة حيال ما يحصل في قطاع غزة وجنوب لبنان.