لخّص مسؤول أوروبي بارز نتائج الجهود الديبلوماسية الروسية الأخيرة استناداً الى معلومات من موسكو وواشنطن وباريس فقال: “حاولت القيادة الروسية تنفيذ ثلاثة انقلابات سياسية في ساحة الصراع السوري وفرض معادلة جديدة لحل الأزمة من طريق عقد “منتدى موسكو” للحوار بين معارضين وممثلين للنظام، لكنها فشلت، الأمر الذي شكل نكسة حقيقية لروسيا”. وقال المسؤول: “حاولت القيادة الروسية، أولاً، تنفيذ انقلاب سياسي ضد “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” وتقليص دوره وابراز وجود قوى معارضة أخرى يجب التعامل معها، لكن المحاولة فشلت اذ ان “الائتلاف” هو التنظيم المعارض الأوسع نفوذاً في الساحة السورية وله وجود في الداخل والخارج وترتبط به فصائل مسلحة مقاتلة أبرزها “الجيش السوري الحر” وهيئات المجتمع المدني وتنسيقيات الثورة التي تنشط في مناطق عدة. و”الائتلاف” هو التنظيم المعارض الوحيد الذي تعترف به رسمياً أكثر من 120 دولة منها 18 دولة عربية على أساس انه الممثل الشرعي للشعب السوري. وفي المقابل ليست لقوى المعارضة الحقيقية الأخرى وأبرزها “هيئة التنسيق” و”تيار بناء الدولة” روابط مع أي فصيل مسلح وعلاقاتها الدولية والاقليمية محدودة جداً. والمعارضون الذين شاركوا في “منتدى موسكو”، في غياب “الائتلاف” وقيادات المعارضة الحقيقية، نصفهم مرتبط بالنظام السوري والآخرون يمثلون أنفسهم. وقد شدد المسؤولون الأميركيون في اتصالاتهم مع الروس على أن “الائتلاف” هو الذي يمثل المعارضة في أي عملية تفاوضية جدية لحل الأزمة وان على القوى المعارضة الأخرى الانضمام اليه اذا أرادت أن يكون لها دورها”.
وأضاف المسؤول الأوروبي: “ان القيادة الروسية حاولت، ثانيا، انهاء مرجعية بيان جنيف المؤرخ 30 حزيران 2012 وفرض مرجعية جديدة من طريق اعطاء الأولوية لمحاربة الارهاب وللتفاهم على مسائل انسانية وجزئية. لكن “الائتلاف” يتمسك مع قوى المعارضة الحقيقية بضرورة تسوية الأزمة على أساس بيان جنيف وهو المشروع الوحيد للحل الذي تبناه رسمياً مجلس الأمن الدولي والذي تدعمه كل الدول المعنية باستثناء ايران. ويطالب بيان جنيف بالانتقال الى نظام سياسي جديد في سوريا يرتكز على انتخابات حرة وضمان المطالب والحقوق المشروعة للشعب بكل مكوناته ويتحقق ذلك من طريق تشكيل هيئة حكم انتقالي تضم ممثلين للنظام وللمعارضة وتمارس السلطات التنفيذية الكاملة وتخضع لها كل أجهزة الدولة ومؤسساتها. وشدد المسؤولون الأميركيون في اتصالاتهم مع الروس على انهم يتمسكون مع حلفائهم بأن تكون قضية تشكيل هيئة الحكم الانتقالي هذه على أساس أي عملية تفاوض جديدة لوقف الحرب وحل الأزمة الأمر الذي يؤدي الى انهاء حكم الرئيس بشار الأسد. وحاولت القيادة الروسية، ثالثا، الانقلاب على صيغة التعاون بينها وبين الادارة الأميركية لحل الأزمة وابراز قدرتها على تعزيز دورها في أي عملية تفاوضية من طريق تحقيق تقارب وتعاون بين النظام وقوى معارضة. لكن حصيلة أعمال “منتدى موسكو” أظهرت ان دور روسيا محدود جداً اذ ان المعارضين المشاركين في المنتدى ليس لهم دور أو نفوذ داخل سوريا أو خارجها ولم يتفقوا مع وفد النظام على أي موضوع فلم يصدر عن الاجتماعات بيان مشترك ولم يضطلع الروس بمهمة الوساطة ولم يتمكنوا من اقناع ممثلي الأسد بتقديم أي تنازل ولو على الصعيد الانساني. وبقي النظام متمسكاً بشروطه ومطالبه التعجيزية وباصراره على مواصلة القتال. وليس ممكناً الانطلاق من اجتماعات موسكو هذه من أجل بدء عملية تفاوضية جدية تؤدي الى حل الأزمة”.
وخلص المسؤول الأوروبي الى القول: “أعتقد ان وزير الخارجية الأميركي جون كيري كان يعلم سلفاً ان اجتماعات موسكو ستفشل، فأدلى بتصريح أعرب فيه عن أمله في أن تكون هذه الاجتماعات مفيدة وامتنع عن الاعراب عن دعمه لها. والفائدة الوحيدة لهذه الاجتماعات انها سلطت الأضواء على ضعف دور روسيا التي تملك القدرة على دعم حرب الأسد على شعبه المحتج لكنها في المقابل عاجزة عن انقاذ النظام السوري وايجاد حل سياسي يحميه من السقوط وعاجزة أيضاً وحدها، ولو تعاونت مع ايران، عن انجاز السلام والاستقرار في سوريا واعادة بناء هذا البلد واعماره وتوحيد مكونات شعبه مجدداً. ويستطيع الروس عقد عشرات الاجتماعات كهذه لكنها لن تحقق أي نتائج بل انها ستشكل في الواقع مظلة سياسية – اعلامية لمواصلة عملية تدمير سوريا والحاق الكوارث والخراب والدمار بها. والحل الجدي الوحيد للأزمة يتطلب تعاوناً دولياً – اقليمياً حقيقياً من أجل تنفيذ بيان جنيف والعمل على نقل السلطة الى نظام جديد يبني سوريا الجديدة”.