هل يُقدم الحريري على خطوة حاسمة في اليومين المقبلين؟
تدور عملية التأليف ليس في «بيت الوسط» والبيّاضة وعين التينة فحسب، وإنما في العاصمتين الفرنسية والروسية، بحيث ينقل بأن المستشار في الرئاسة الفرنسية باتريك دوريل، يتابع إتصالاته اليومية مع القيادات السياسية اللبنانية، ومع الرئيس نبيه بري على وجه التحديد، وعلم أن الأمور والمعطيات التي كانت سائدة منذ أيام قد تبدّلت مؤخراً من خلال أجواء ملبّدة على خط «التيار الوطني الحرّ» وتيار «المردة»، إلى اتصالات جرت مع الرئيس المكلّف سعد الحريري من قبل دوريل، لمعرفة أين أصبحت التشكيلة الحكومية العتيدة، بعدما كان طلب الحريري مهلة ثلاثة أيام لرفع تشكيلة قد ترضي الجميع.
ولكن الرئيس المكلّف، صدم بعدما عادت المشاورات حول حقيبة الطاقة إلى المربع الأول، من زاوية تمسّك النائب جبران باسيل بتسمية وزير مستقل، كما يوحي بذلك، وهو أحد رجال الأعمال الذين لديهم خبرة في الشؤون الخدماتية والحياتية، كونه نفّذ أعمالاً في الخارج، وهو يملك سجلاً نظيفاً، ويعتبر من الأخصائيين والتكنوقراط، ولكن يرى الحريري و»تيارالمردة» أنه بمجرّد تسميته من قبل رئيس «التيار الوطني الحر»، فمن الطبيعي أنه سيكون محسوباً عليه، وهذه النقطة الخلافية أعادت مسار التأليف إلى الوراء، الأمر الذي كشفه المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري النائب علي حسن خليل خلال زيارته الأخيرة لـ «بيت الوسط»، ولقائه الحريري. وتقول المعلومات أن الخليل ، لاحظ أن رئيس «تيار المستقبل» لا زال مستاءً من تولّي النائب باسيل الإتصالات والمشاورات في الملف الحكومي، والتي هي حكماً، وبحسب الدستور، يجب أن تكون بينه وبين رئيس الجمهورية حصراً كما درجت العادة قبل الطائف وبعده.
وفي هذا السياق، يُتوقّع، وبحسب المعلومات، وبعد الجولتين الأولى والثانية من المفاوضات بين «الثنائي الشيعي» وباسيل في البيّاضة، فإن الحصيلة الأولية تشير بأنه من الصعوبة أن يحمل الرئيس المكلّف أي تشكيلة وزارية إلى قصر بعبدا وتعلن مراسيم التأليف، إذ لا يزال الإعتذار هو أحد أبرز الخيارات المطروحة في «بيت الوسط»، إنما ذلك يبقى رهن الإتصالات المكثّفة التي تقوم بها باريس مع الحريري، وذلك، خلافاً لما ينقل عن سعيها لحكومة انتقالية، وإبعاد الحريري عن السراي، فإنها ترى ترؤس الحريري للحكومة في هذه المرحلة هو خيارها الأساس منذ أن دعمت تكليفه، وإن هي ترى، في حال اعتذر، ضرورة اللجوء إلى حكومة انتقالية من خلال تكليف شخصية مستقلة لإدارة الإنتخابات النيابية المقبلة.
وفي موازاة الدور الفرنسي الضاغط، تبدو موسكو هي الأخرى من الذين يتولّون الإتصالات مع القوى السياسية اللبنانية المعنية بالتأليف، وبالتالي، هي تصرّ على ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة على خلفية قلقها على الإستقرار في لبنان، وهذا ما أوحى به نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف خلال لقاءاته الأخيرة مع بعض المستشارين لمرجعيات سياسية لبنانية، حيث كان يجب، وفق المعلومات، أن يقوم وزير الخارجية سيرغي لافروف بسلسلة اتصالات ومشاورات مع بعض المسؤولين الذين كانوا بصدد التوجّه إلى موسكو، ولكن بعد إصابته بعارض صحي، بات بوغدانوف هو من يتولى هذه المهمة، والضغط على أصدقاء روسيا في لبنان لتسهيل مهام التكليف، مما يتناغم دوره ومواقفه مع باريس بمعزل عن التباينات والإختلافات حول بعض النقاط والملفات السياسية.
وأخيراً، فإن اليومين المقبلين سيعتبران في غاية الأهمية، وقد يكونان من الأيام الحاسمة لمسار التأليف أو عدمه، وهذا ما سيتبدّى جلياً من خلال الخطوة التي سيقدم عليها الرئيس الحريري، والتي يعتبرها بعض المحيطين به في غاية الأهمية.