Site icon IMLebanon

موسكو وطهران: لا ضربة عسكرية ساحقة في سوريا!

المبدأ الأساسي للخطة العسكرية في سوريا لموسكو وطهران كان ولا يزال استناداً إلى المتابعين الجديّين أنفسهم، عدم تنفيذ ضربة عسكرية ساحقة لكل الذين يقاتلون الاسد. وكان أيضاً الاستعاضة عن ذلك بضربات مدروسة وموجعة جدّاً تعيد المنعة إلى نظامه والمعنويات، ومن ثم توظيف نتائجها في العملية السياسية التي يرعاها المجتمع الدولي بقيادة وروسيا، والتي تهدف إلى إيجاد تسوية سياسية بين السوريين نظاماً ومعارضين، تنهي الحرب، وتُعيد النازحين إلى ديارهم، وتطلق عملية إعادة بناء نظام جديد عادل ومتوازن ومساوٍ بين المواطنين، ومعها إعادة بناء ما دمّرته الحرب. والخطّة المستندة إلى المبدأ المشروح هذا تبقى الأفعل في رأي روسيا وإيران، لأن تحقيق انتصار سريع وساحق ونهائي على الذين يقاتلون الأسد و”جيشه” و”طائفته” وميليشياته السورية وغير السورية أمر صعب جداً وربما مستحيلٌ. ذلك أن النجاح فيه يحتاج إلى جيوش بريّة جرّارة روسية. ولا يبدو أن لروسيا قدرة على إرسال جيوش كهذه إلى سوريا لاعتبارات متنوّعة من أهمها، وضعها الاقتصادي المتردّي بسبب انخفاض سعر النفط، والعقوبات المفروضة عليها جرّاء احتلالها شبه جزيرة القرم، ودعمها بالجنود والأسلحة المتمرّدين على أوكرانيا من مواطنيها “الروس” المقيمين في شرقها. هذا فضلاً عن صعوبة تأمين كل اللوازم اللوجستية لعمل ضخم كهذا، وخصوصاً في بيئة إسلامية سنيّة معادية تبدأ بتركيا وتمرّ بغالبية دول العالم العربي، وفي مقدمها الخليجية منها. والانخراط في مغامرة كهذه سيقوّض التأييد الشعبي العارم للرئيس بوتين داخل بلاده، وخصوصاً إذا صار يومياً سقوط ضحايا روس وبأعداد متزايدة باطراد. علماً أنه العامل الوحيد ربما الذي اعتمد ولا يزال يعتمد عليه لتنفيذ سياسات أوروبية وشرق أوسطية، فيها شيء من المغامرة أو كثير منها. إلى ذلك، يحتاج إنجاح عملية عسكرية ساحقة وحاسمة ضد مقاتلي النظام السوري إلى إرسال جيوش برية إيرانية جرّارة إلى سوريا. وهذا عمل لن يقدم عليه المسؤولون الكبار في إيران على رغم أن لديها قوة عسكرية برية مدرَّبة ومسلّحة جيداً وكبيرة جداً. ذلك أنه يكرّس مذهبية الحرب الدائرة في سوريا والعراق ومذهبية الصراع السني – الشيعي السياسي والأمني والعسكري الناشب في المنطقة. كما أنه يدفع السنّة، في العالم العربي وفي العالم الإسلامي، فضلاً عن العالم الأوسع إلى إرسال آلاف المتطوعين إلى سوريا بل إلى كل دولة أو منطقة لإيران فيها دور ونفوذ وفيها أيضاً شيعة محليون. وطبيعي أن يرافق هؤلاء كل ما يحتاجون إليه من أسلحة متطوّرة من كل الأنواع ومن الذخائر ومن الأموال. ذلك كله ترفضه إيران.

هل لا تزال إيران متمسّكة ببقاء الرئيس بشار الأسد ونظامه؟ ولماذا؟

لا تزال على تمسّكها بهما، يجيب المتابعون الجدّيون أنفسهم. أما السبب فهو أنهما مثل استثمار قامت به، ووضعت فيه كل ما تستطيع من قوة ودعم وسلاح ومال ولم تعد تستطيع التخلّي عنه. وهو أيضاً اعتبارهما جزءاً من “أهلها” عملت من زمان على تثبيت وضعهم حيث هم ولم تعد تستطيع التخلّي عنهم. طبعاً يعتقد هؤلاء، ومعهم مصادر لها بعض الصلة بإيران أو بمن يلوذون بها، أن تمسّكها بالأسد ونظامه، سببه إلى كل المذكور أعلاه، موافقتهما على أن تكون سوريا التي يحكمان منذ عقود جزءاً من استراتيجيتها الاقليمية، وساحة لتحرّكها الحرّ وخصوصاً في اتجاه لبنان موطن الاستثمار الاستراتيجي الناجح جداً والرقم واحد الذي قامت به في المنطقة أي “حزب الله”. وهو تحرّك هدف دائماً الى حمايته واستمرار التواصل معه جغرافياً وسياسياً (طهران – بغداد – دمشق – بيروت) كما استمرار تزويده كل ما يحتاج إليه في عمله سواء ضد إسرائيل أو داخل لبنان وداخل سوريا، كما داخل المنطقة والعالم الأوسع إذا دعت الحاجة إلى ذلك. وقد أثبتت انجازات “الحزب” ضد إسرائيل وفي سوريا وحتى في دول عربية تشهد حروباً داخلية وأخرى اقليمية، أنه “درّة التاج الإيراني” إذا جاز التعبير على هذا النحو. ويتابع هؤلاء جوابهم فيقولون إن التمسّك بالأسد ونظامه قد يضعف كثيراً إذا حصلت إيران من الذين يعملون لتحقيق تسوية سياسية تنهي حرب سوريا على ضمانات، بأن اتصالها الجغرافي مع “حزب الله” اللبناني سيستمر وبأن المناخ السوري العام لن يكون معادياً لها. ولا يعني ذلك التفريط بالطائفة العلوية وحقوقها ودورها في بلادها وبوجودها ذاته.