IMLebanon

موسكو وواشنطن: اتفاق لتقليص رقعة الحرائق ولبنان «تفصيل صغير»

أوباما يتوقع «حواراً صعباً» مع قادة الخليج: السخط داخل بلادكم أشد خطراً من إيران

بدأ العدّ العكسي لتقليص الأزمات في الشرق الأوسط بإعلان التحالف الخليجي ـ الإسلامي وقف عمليات «عاصفة الحزم» في اليمن، كجزء أوّلي من مبادرة أميركيّة ـ روسيّة ظهرت بوادرها عبر قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 2216 الذي نال إجماعا من أعضاء المجلس وامتناعا روسيا.

أما لبنان فيبقى في «الثلاجة» الى حين انجلاء الوقائع الميدانية والديبلوماسية في الإقليم لأنه «تفصيل صغير في المشهد العام والمعقد»، كما يصفه الديبلوماسيون الغربيون.

إقليميا، وردت أخيرا الى بيروت تقارير ديبلوماسيّة عدّة من عواصم قرار غربية تشير الى أنّ الأشهر الستّة المقبلة ستشهد «تبريدا» لحرائق الشرق الأوسط استباقا لبدء السباق الرئاسي الأميركي في تشرين الثاني المقبل والذي سيجمّد أي قرار أميركي لغاية الإنتخابات الرئاسية في 2016. في هذه الأشهر المعدودة سيبقى الرئيس الأميركي باراك أوباما متمتّعا ببعض السلطة وبهامش اتخاذ القرارات الصعبة.

وتكشف أوساط أميركية متابعة للحركة الديبلوماسية في الشرق الأوسط أنّ الولايات المتحدة الأميركية وروسيّا قررتا التعاون في ملفات الشرق الأوسط واضعتين خلافاتهما في أوكرانيا جانبا، بعد أنّ بدأ الصراع يخرج عن السيطرة ويلحق الأذى بمصالح الجميع. في السياق عينه، تتوقع الأوساط أن تتفق الدولتان في الأشهر المقبلة على قضايا عدّة في الشرق الأوسط، أما الراعيان الإقليميان فسيكونان السعودية وإيران.

في هذا السياق يقول ديبلوماسيّ أوروبي يعمل في بيروت: «لقد أفسح الروس في مجلس الأمن الدولي مجالا ديبلوماسيا للسعوديين للتوصل الى تسوية سياسية في اليمن وقبضوا ثمنها اتفاقا حول أسعار النفط، وتبين هذا الإتفاق في الإتصالات المباشرة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والملك السعودي سلمان بن عبد العزيز المدعو لزيارة موسكو». وأضاف: «باعتقادي أنّ السعوديين وصلوا الى مأزق حقيقي نتيجة حوادث اليمن، أما الإيرانيون فلا يدعمون الحوثيين بشكل يؤثر سلبا على طهران، لكنّه يجعل منهم عامل توتّر في المنطقة وهذا ما لا يريدونه، خصوصا أن الإتفاق النووي النهائي لم ينجز بعد».

ويرى الديبلوماسي الأوروبي أنّ «الإمتناع الروسي في مجلس الأمن يشبه امتناعه عن التصويت على القرار الرقم 2016 الصادر عام 2011 والذي فرض منطقة حظر جوّي فوق ليبيا، ونستطيع تشبيهه أيضا بالإمتناع الروسي عن وضع فيتو على القرار 1559 الصادر عام 2004 والذي مهّد لانسحاب الجيش السوري من لبنان باتفاق دولي كانت روسيّا جزءا منه».

ويلفت الديبلوماسي الى أنّ «الحلول السياسية والديبلوماسية لن تكون سهلة بعد وقوع أضرار كبرى في صفوف جزء كبير من الشعب اليمني الذي لن يقبل ان تفرض السعودية حلولا عليه كأن تعيد إنتاج رئيس جديد تختاره هي فحسب».

إنها الصورة العامّة، التي ستشهد اتفاقات في سوريا والعراق واليمن وأخرى لمحاربة «داعش» ولدعم مصر وللتعاطي مع المسألة الليبية وللإستمرار بدعم لبنان.

سوريا والنووي الإيراني

بالنسبة الى سوريا، يبدو أن الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا سيبدأ حركة ديبلوماسية سياسية جديدة اعتبارا من منتصف أيار المقبل عبر الأمم المتحدة ومن مقره في جنيف، ضمن استراتيجية تهدف أيضا الى تخفيض مستوى الحريق السوري بالتعاون مع دول إقليمية في طليعتها مصر.

أما الملفّ النووي الإيراني فلا يقين بإمكانيّة توقيع الإتفاق النهائي حوله بين إيران ودول «مجموعة الخمسة زائد واحد» في نهاية حزيران المقبل. تقول أوساط أميركية مواكبة للحركة الديبلوماسيّة في الشرق الأوسط: «يعتبر الرئيس الأميركي باراك أوباما وفريقه أقلية بالنسبة الى طريقة مقاربة مواضيع الشرق الأوسط، ولم تقم هذه المجموعة بأي عمل سياسي كاف بغية تهيئة الرأي العام في الولايات المتّحدة الأميركيّة وإفهامه لماذا ينبغي توقيع اتفاق مع إيران، وهو أمر يسبق عادة أية عملية تطبيع أو سلام مع أي طرف».

وتلفت الأوساط الى أنّ الرئيس أوباما «كشف عن استراتيجيته مع إيران منذ أسابيع قليلة فحسب، والشعب الأميركي لا يعرف لغاية اليوم لماذا ينبغي اختيار نظرية أوباما في التطبيع مع إيران دون سواها من النظريات المناهضة لها مثلا».

بالنسبة الى الإنتخابات الرئاسية اللبنانية فهي تعتبر «تفصيلا صغيرا» في المشهد الإقليمي لا تأثير له على مجريات الأحداث ولا يعطى أهمية في ظلّ الحرائق الكبرى الموجودة في المنطقة، ما يشير الى إمكانية تمدد الفراغ الرئاسي.

أما دعم الجيش اللبناني فيندرج بحسب الأوساط الأميركية «ضمن استراتيجية الغرب في دعم جيوش المنطقة برمتها، من مصر الى تونس والسعودية ولبنان، لأنّ ثمة مصلحة لدى الجميع بتقوية الجيوش الشرعية الرسمية لأنها عمليا تقوّي الدول».

أما الوضع الأمني اللبناني «فسيبقى ممسوكا طالما يتعاون الجميع من أجل ضبط الأمن، سواء حزب الله أو أميركا أو ألمانيا أو بريطانيا وفرنسا والسعودية وسواها».

ليبيا ومحاصرة «داعش»

بالنسبة الى ليبيا تلفت الأوساط الى أنها دولة تقع بين تونس ومصر، وقد اعلنت الولايات المتحدة منذ أيام عن زيادة الدعم العسكري لتونس بنسبة 2 في المئة، وإذا قام الأميركيون بالأمر ذاته في ما يخصّ سوريا حيث يوجد «داعش» بين تركيا وسوريا والعراق والأردن، من أجل تقليص المساحة الحرّة التي يتواجد فيها التنظيم الإرهابي عبر محاصرته من دول الإقليم، فإن السيناريو ذاته ينسحب ايضا على ليبيا، حيث تونس ومصر قادرتان على حصر الإرهابيين ضمن مساحة جغرافية معينة، وفي ذلك مصلحة لدول أوروبية عدة باتت تعبّر أكثر عن خشيتها من الأزمة الليبية وسط مشكلة الهجرة غير الشرعية التي تفاقمت في الآونة الأخيرة بفعل حوادث غرق المراكب غير الشرعية.