Site icon IMLebanon

مؤتمر موسكو الحي ـ الميت

 

موسكو ـ 1 دفن قبل انعقاده، جنيف ـ 1و2. «طاحونة» التحضيرات بدأت، لا شيء يشير الى انتاج «الطحين». ما زال الوقت مبكراً لنجاح انعقاد موسكو-1 فكيف بنجاحه وصياغته للحل النهائي، الحرب في سوريا، ما زالت متصاعدة. حتى خطوط التماس التي تتشكل كل فترة، تبقى هشة قابلة للخرق والتغيير. دون تشكل ثابت ونهائي لهذه الخطوط، أو حصول غالب ومغلوب، لا شيء سيتغير. الحرب ستستمر.

موسكو تريد أن تؤكد أنها تعمل للسلام في سوريا، وهي في الوقت نفسه تغذي الحرب بالوقود. لا يريد «القيصر» أن يخسر سوريا، في وقت يعلم فيه أن عليه في النهاية تقاسمها مع آخرين أبرزهم إيران وواشنطن. 

«القيصر» يعمل للحرب وكأنها مستمرة أبداً. ويعمل للحل وكأن الحل قادم غداً. جعل «القيصر» من سوريا «ملعباً» للثأر من الأميركيين والأوروبيين الذين خانوا ثقته في ليبيا، وقنصوها منه.

تأكيد موسكو، على أن «الأسد رئيس منتخب دستورياً وشرعياً»، وأنه جزء من الحل، أسقط جنيف ـ1 وجنيف ـ2. موسكو تعتمد على تعب الأطراف المقاتلة لتمرير هذا البند الذي شكلت «مظلة» له، ضرورة المحافظة على الدولة بمؤسساتها والجيش، حتى لا تنتهي سوريا في مستنقع الحرب الأهلية كما في ليبيا والعراق، وكأن سوريا لا تحترق يومياً منذ أكثر من ثلاث سنوات على نار «الحروب» المتعددة التي منها حرب أهلية مدمرة. لذلك موسكو 1 سيفشل ولن يكون «طائف» سوريا.

لا تكفي عقدة التمثيل في المؤتمر لإعلان فشله. فشل المحاولات الروسية، ناتج من أن الحرب والسلام في سوريا ملك «اللاعبين» الكبار وحتى الصغار. أي «لاعب» قادر على تخريب الحلول اذا لم يجد لنفسه موقعاً يتناسب مع موقعه، ليس بالضرورة، أن تكون ردة الفعل عسكرية فقط. توجد وسائل و»أسلحة» كثيرة مختلفة وقوية وفاعلة.

موسكو أوقفت الأمم المتحدة عن التدخل في سوريا، بسلاح الفيتو. موسكو شلت مجلس الأمن. واشنطن قادرة على «شل» مجلس الأمن، في كل مرة لا يناسبها أي مشروع تطرحه موسكو أو بكين. أيضاً الحروب الرديفة الأخرى مساحة مفتوحة لتبادل الضربات. أوكرانيا مثال كبير. استنزاف «القيصر» لا يتوقف. الرئيس باراك أوباما، يتابع سياسته. لا حروب عسكرية مباشرة خسائرها ضخمة ومردودها صفر، لكن ذلك لا يمنعه من خوض «حروب» كلفتها صفر ومردودها ضخم، ابتداء من استنزاف خصومه وانهاكهم حتى يجلسوا على طاولة المفاوضات مستعدين لتخفيض «سقف» مطالبهم.

«حرب» أسعار النفط قاسية جداً. سقوط سعر برميل النفط الى ما دون 55 دولاراً أكد ان انتصار موسكو وطهران، مستحيل. سوريا الجزء الظاهر من «جبل الجليد« في الحرب النفطية. توجد أسباب مثل أوكرانيا بالنسبة لموسكو. ومماطلة ايران في التوقيع على الاتفاق النووي ودخولها «خيمة» الشرعية الدولية، بالشروط الدولية المعروفة. موسكو بدأت تئن من حرب الأسعار. طهران تتوجع وتراجع حساباتها. خسرت في هذه الحرب ربع عائداتها المفترضة لميزانيتها (كانت حسابات الموازنة الايرانية مائة دولار للبرميل فانهار حتى 75 دولاراً). طهران وضعت ميزانية العام الشمسي القادم في 20 آذار على أساس 75 دولاراً للبرميل. الآن تحت 55 دولاراً. في خلال أكثر من نصف عام خسرت ايران وروسيا نصف عائداتهما. السعودية تستطيع تحمل هذه الخسائر، لأنها لا تخوض حروباً مكلفة على أكثر من جبهة. إيران تتكلف أكثر مما تستطيع في ظل المقاطعة وانهيار سعر النفط، في ملفها النووي وصناعة الصواريخ وباقي الأسلحة، والتدخل المباشر وغير المباشر في سوريا ولبنان وغزة والعراق واليمن والسودان وأفغانستان وباكستان.

عام 2015 لن يحمل السلام الى سوريا، ولا العراق ولا اليمن. ربما ضمن مسار بناء الثقة يكون لبنان «هدية» لتوافق دولي اقليمي. إيران جزء أساسي فيه، فيتم اخراجه من الفراغ الرئاسي. إيران تعرف جيداً، أن السلام الأهلي ضرورة لحزب الله الغارق من جبال القلمون وصولاً الى اللاذقية مروراً بحمص ودمشق، في وقت يجب أن يكون «ظهره» محمياً في الجنوب. الى جانب ذلك أنه توجد ارادة فرنسية أميركية، مسنودة بموقف سعودي قوي بضرورة تجنيب لبنان الانهيار. كل هذا قد يقود الى انتاج حل للبنان يكون بداية لمسار طويل لإقامة السلام في المشرق العربي.