IMLebanon

موسكو ترسم مستقبل المنطقة

الى أن تنتخب الولايات المتحدة رئيساَ جديداً لها ويبدأ عمله في البيت الأبيض، ستكون روسيا هي الدولة العظمى الوحيدة المؤثرة في ما يجري في دول المنطقة. وأكبر دليل على ذلك ان انسحابها العسكري من سوريا أحدث ضجة وتأثيراً كبيرين، وأعاد خلط الأوراق السياسية من جديد.
قد تكون التوجهات الإسرائيلية الأخيرة إزاء روسيا من المؤشرات الدالة على التأثير المتعاظم لروسيا على مستقبل دول المنطقة. وتدخل في هذا الاطار الزيارة التي قام بها رئيس الدولة الإسرائيلية رئوفين ريفلين لموسكو واجتماعه مع الرئيس فلاديمير بوتين أكثر من ساعتين. ومثلما سارع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل خمسة أشهر الى لقاء بوتين غداة التدخل العسكري الروسي في سوريا للتنسيق معه، ها هو رئيس الدولة يقصد بدوره موسكو ويجتمع مع بوتين للتفاهم معه على مرحلة ما بعد الانسحاب الروسي من سوريا. وهكذا يبدو لوهلة أن الولايات المتحدة لم تعد الحليفة التاريخية لإسرائيل بل روسيا، ووقت تهرب نتنياهو من لقاء مع أوباما الشهر الماضي، يجري الحديث اليوم عن لقاء قريب له مع بوتين.
كعادته يحاول بوتين أن يضطلع بدور الزعيم المطلق، فأكد أمام ريفلين تمسك روسيا بالدفاع عن أمن إسرائيل، وذكّر بالروابط الخاصة التي تربط بلاده بإسرائيل وخصوصاً مع وجود ملايين المهاجرين اليهود الروس هناك. لكن ريفلين لم يأت لمجاملة بوتين بل حمل لائحة واضحة بالمطالب الإسرائيلية أو ما تصح تسميته بالخطوط الحمر التي وضعتها إسرائيل لمرحلة ما بعد الانسحاب.
لقد طرح ريفلين عدداً من المسائل في طليعتها مساعدة روسيا في منع إيران وحزب اللهمن الاقتراب من الحدود السوريةالإسرائيلية وبناء بنية تحتية عسكرية لهما لشن عمليات ضد إسرائيل. اذ تتخوف إسرائيل من ان يستغل الحزب الانجازات العسكرية التي تحققت لتعزيز وجوده العسكري بالقرب من الحدود.
لكن ريفلين لم يكتف بذلك بل سعى الى التدخل من خلال التفاهم مع روسيا في رسم المستقبل السياسي لسوريا، ومطالبة بوتين بالاعتراف بشرعية وجود إسرائيل في هضبة الجولان لدى البحث في الموضوع. وبذلك تسعى إسرائيل الى استغلال الكلام الروسي على الفديريالية كي ترسخ احتلالها للجولان وتعطيه صفة شرعية.
هذا التحول في السياسة الخارجية الإسرائيلية نحو روسيا يعكس الاقتناع المستجد بأن من يضمن مصالح إسرائيل وأمنها في هذه المرحلة هو التفاهم مع الروس، وأن مَن يرسم مستقبل المنطقة هي موسكو وليست واشنطن.