IMLebanon

موسكو لم تحقق اختراقاً في الوقت الضائع النظام يعوّل على مصر لإعادة استيعابه

حجبت جملة تطورات في الأيام العشرة الأخيرة فشل المؤتمر الذي دعت اليه موسكو للحوار بين النظام السوري وبعض شخصيات المعارضة على رغم ان النظام نفسه لم يكن معولا الى حد كبير على هذا المؤتمر لكنه تجاوب مع حليفه الروسي الذي يشكل احد ابرز المدافعين عن بقائه. فعين النظام كانت على المعارضة التي اجتمعت في القاهرة والتي اثارت استياء وزير الخارجية وليد المعلم، فعلق سلباً على المسعى الذي تقوم به مصر لكن تم استيعاب هذا الاستياء في الزيارة التي قام بها مسؤول سوري الى العاصمة المصرية حيث افيد ان من مصلحة النظام ان تجمع مصر اطراف المعارضة على اراضيها ورعايتها فتسحب هذه الورقة من تركيا، بما يعنيه ذلك خصوصا ان زوار العاصمة السورية يؤكدون ان الخطوة المصرية تحظى بدعم من المملكة العربية السعودية أو اقله بعدم معارضتها لها. وعليه، فان النظام بات يعول على الحكم في مصر الذي يراه اقرب اليه تبعاً للتحديات “الارهابية” التي باتت تواجهها مصر ما يعتبر النظام انه قد ينصفه خصوصا ان سقوط حكم الاخوان في مصر شكل دفعاً مهما تلقاه نظام الأسد للاستمرار.

انطوت صفحة مؤتمر موسكو الذي حجب بدوره جهود الموفد الدولي الى سوريا ستيفان دو ميستورا ومبادرته التي يتم ابقاؤها حية على نار خفيفة جدا لملء الفراغ وكسب الوقت. إلا ان ابرز التطورات التي توقفت عندها مصادر عدة خلال فترة انعقاد المؤتمر، الى جانب محاولة مصر اخذ المبادرة للم شمل المعارضة بما يعنيه ذلك من احتمال مساعدة مصر على استعادة بعض الدور الاقليمي لها، كانت العملية العسكرية التي نفذتها اسرائيل في القنيطرة السورية مستهدفة عناصر من “حزب الله” وجنرال ايراني. وفيما نأى النظام السوري بنفسه عن اي اشارة الى هذا الموضوع، فان الوجود الايراني المعروف كما وجود عناصر الحزب سلط الضوء على محدودية قدرة النظام من حيث امتلاكه كل الاوراق التي تسمح له باستعادة السيطرة ولو ان الوجود الايراني يصب جزئياً في مصلحة ابقائه في السلطة من اجل ابقاء خط الامداد مفتوحاً من طهران الى بغداد فسوريا ولبنان. فالنقاط التي يثيرها هذا الخرق الفاضح للسيادة السورية بحيث باتت سوريا ساحة أو ملعباً للصراع الاقليمي المباشر جعل الحوار في موسكو غير ذي معنى في الجوهر.

وأتى تحرير كوباني الكردية من تنظيم الدولة الاسلامية ليضيف جديداً الى هامشية النظام. اذ ان هذا التحرير رد مباشرة على الاقل على الأسد الذي كان انتقد قبل ايام في حديث صحافي مضي ثلاثة اشهر على حرب التحالف الدولي من اجل تحرير كوباني من دون نتيجة، معتبرا ان مناطق مماثلة حررها الجيش السوري في اقل من ثلاثة اسابيع (!). وهو بذلك يشير الى الحاجة الى قوات برية على الارض لن تكون حكماً سوى القوات السورية، ما يفتح باب التعاون معه. فاثبت تحرير كوباني ان التحالف لم يحتج الى قواته في نهاية الامر بل اعتمد على الاكراد في شكل خاص كما على المعارضة السورية على عكس ما كان يؤمل من التعويل على عدم تصعيد المطالبة برحيل الأسد خصوصا من جانب واشنطن، ما قد يمهد للانتقال الى مرحلة اعادة القبول بالنظام.

ويقول زوار للعاصمة السورية إن عامل الوقت والرهان عليه يبقى عاملا اساسيا في حسابات الرئيس السوري خصوصا ان حلفاءه يشيعون حلولا من نوع العمل على اشراك المعارضة في الحكم وخطوات اخرى من شأنها ان تكرس استمراره في السلطة بصلاحيات واسعة. الا ان مصادر ديبلوماسية تعتبر ان فشل مبادرة موسكو لا ينعكس على موسكو فحسب بل على النظام من حيث ان خطة دعم استمراره في السلطة لن تنجح وان هذه المبادرة لم تلق اي صدى ايجابي باستثناء الدعم الكلامي من عدد كبير من الدول المعنية بالازمة السورية. فروسيا اقدمت على مبادرتها في الوقت الضائع بحيث كانت هناك فرص لتسجيل نقاط ايجابية في ظل الفراغ، لكن ذلك لم يحصل. واذ تقر المصادر الديبلوماسية ان رحيل النظام لم يوضع مرة على نحو جدي لدى مطالبة الدول الكبرى برحيله في الاعوام القليلة الماضية، بل كانت مبادرات عدة من اجل اشراك المعارضة وتحديداً الاخوان المسلمين بنسبة لا تقل عن 35 في المئة من الحكومة ( ويقول النظام انه طلب منه ان يعطي الاخوان 50 في المئة وهو لم يقبل ) وهو ارتاح لدى ازاحة الاخوان في مصر وبات يتحدث عن عدم وجود معارضة متماسكة في وجهه ما يعني انها لا تستحق حصة كبيرة.

إلا ان ما كان محتملا لدى بدء الازمة في سوريا لم يعد ممكنا مع اقتراب مضي السنة الرابعة على انطلاقها في اذار المقبل. فمع ان ثمة انطباعات قوية عن التسليم مرحلياً ببقاء الأسد في السلطة، وهي انطباعات تساهم فيها مواقف الدول الاشد عداء له راهناً ويستفيد منها من اجل السعي الى تثميرها بمد بقائه على قواعد شرعية، فان المصادر الديبلوماسية المعنية تجزم بأن هذه التوقعات لم تعد ممكنة أو محتملة في المدى المستقبلي قريباً كان ام بعيداً، علماً ان لا افق محددا لانتهاء هذه الازمة.