IMLebanon

موسكو تكرّم أرسلان وتيمور جنبلاط يعتذر

 

حملت زيارة النائب طلال أرسلان إلى موسكو الأسبوع الماضي، ولقاؤه وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، أكثر من دلالة حول الرؤية الروسية لدور وموقع طائفة الموحّدين الدروز في المشرق، وعلاقة روسيا المستقبلية بالشخصيات والقوى اللبنانية التي وقفت إلى جانب سوريا خلال السنوات السبع الماضية.

منذ عودتهم الجديدة إلى شرق المتوسّط، وانخراطهم في الميدان السوري قبل ثلاث سنوات، يحاول الروس مدّ يد التواصل مع غالبية القوى السياسية اللبنانية، في سياسة استيعابية ضمن الدور الذي يكرّسه الروس لأنفسهم كجسر تواصل بين مختلف القوى. غير أن السياسة الروسية المنفتحة، لا تعني إعطاء هوامش لقوى سياسية لطالما شكّلت جزءاً من الفلك الأميركي في لبنان، مثل النائب السابق وليد جنبلاط، على حساب حلفاء سوريا في لبنان، لا سيّما طلال أرسلان. بل على العكس، أظهر الاستقبال الروسي لأرسلان وتنظيم جولة له في مبنى وزارة الدفاع الروسية وداخل «غرفة عمليات سوريا»، طبيعة السلوك الروسي في لبنان.

فوليد جنبلاط الذي بقي طوال مرحلة الحرب الأهلية اللبنانية حليفاً لموسكو من بوابّة حلفه الوثيق مع دمشق وانخراط الحزب التقدمي الاشتراكي في الحركة الوطنية اللبنانية حليفة الاتحاد السوفياتي آنذاك، ذهب بعيداً خلال سنوات الحرب السورية في الهجوم على روسيا، وعلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شخصيّاً.

 

نظّمت وزارة الدفاع الروسية جولة لأرسلان داخل غرفة عمليات سوريا

 

قبل سنتين، وكعادته، توجّه جنبلاط مع ابنه النائب تيمور جنبلاط إلى موسكو، وقدّم اعتذاراً للقيادة الروسية على تعبيراته، وقد قبله الروس، على أساس أن «هذا جنبلاط الذي نعرفه» كما تقول مصادر متابعة. لكنّ جنبلاط، وفي أقلّ من سنتين، أعاد الكرّة بالتهجّم على الروس خلال مراسم تقبّل التعازي التي نظّمها في بلدة عبيه عن أرواح شهداء السويداء قبل أسبوعين، وحمّلهم مسؤولية الدم الذي سفك في المحافظة الجنوبية السورية، في تأليب واضح للدروز اللبنانيين والسوريين على دور موسكو في الإقليم.

وفي الوقت الذي لا تزال فيه قيادات الحزب التقدمي تحمّل روسيا مسؤولية الهجوم الذي شنّه تنظيم داعش الإرهابي على السويداء، كان تيمور جنبلاط يزور موسكو قبل أسبوعين مع أحد أبرز المقرّبين من روسيا في لبنان منذ الثمانينيات، حليم بو فخر الدين. هناك، قدّم تيمور الاعتذارات عن كلام والده بحقّ روسيا، بعد أن شبّه وليد جنبلاط ما حصل في السويداء بما حصل في حرب الشيشان. وبحسب المعلومات، فإن استقبال تيمور جنبلاط في موسكو لم يكن ليحصل لولا سعي بو فخر الدين لدى القيادة الروسية، التي تربطه بها علاقات صداقة قديمة ومميّزة.

ويمكن القول إن الانقسام الذي تشهده الساحة الدرزية في لبنان، لا سيّما غداة مطالبة جنبلاط بتدخّل دولي تحت ذريعة «حماية السويداء من النظام السوري»، سرّع في زيارة أرسلان؛ فالروس أطلعوا رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني على ما يملكون من معلومات (تتقاطع مع معلومات الدولة السورية) حول هجوم السويداء، ودور القوات الأميركية في منطقة التنف وغضّ نظرها عن تحرّكات داعش في البادية الشرقية وهجومه على السويداء، فضلاً عن تأكيد الروس لأرسلان ثقتهم بقدرة الجيش السوري على إنهاء وجود تنظيم داعش في البادية وتحرير المختطفين، وسيادة الأمن والأمان في محافظة السويداء، كغيرها من المحافظات السورية. وبحسب المعلومات، فإن «شويغو أبلغ أرسلان أن روسيا لا تتعامل مع الشعب السوري كفئات منقسمة طائفياً وإثنياً ومذهبياً، بل ككتلة واحدة»، وإن «الحديث عن حماية دولية للمحافظة الجنوبية هو دعوة مقنّعة لتدخل غربي في الشأن السوري غير مقبول روسياً».

من جهته، عقد أرسلان مؤتمراً صحافيّاً في منزله في خلدة أمس، شكر فيه القيادة الروسية على مواقفها، وتوجّه إلى أهالي السويداء بالقول إن «ضمانتكم هي الجيش السوري والرئيس بشار الأسد».