تُفيد المعلومات المتداوَلة في أروقة الخارجية الروسية أنّ إمكان عقد جولة جديدة من المفاوضات في جنيف بداية السنة المقبلة بات أمراً صعباً للغاية، لكنّ فرص جمع ممثلي المعارضة والحكومة السورية في موسكو لا تزال ممكنة.
يشير نشاط الديبلوماسيّين الروس خلال الاسبوع الماضي الى أنّ محاولات استبدال جنيف بموسكو في عملية البحث عن حلول سياسية للأزمة السورية تصطدم بعقبات كثيرة، أبرزها عدم حيادية روسيا في الأزمة كما يقول معارضون. في حين يرى مؤيّدو النظام السوري أنّ واشنطن تحاول استغلال الائتلاف السوري المعارض في سبيل تحقيق أهداف خاصة في تصفية الحسابات التي تقوم بها مع روسيا.
وبصرف النظر عن الأسباب، فإنّه في حال إخفاق المساعي الروسية بعد فشل محاولات جنيف، ستصبح فرص الحلّ بحكم المجمّدة الى أجل غير مسمى، ما يعني مزيداً من القتل والدمار في ظلّ استحالة الحسم العسكري. الأمر الذي يستدعي وقفة جدية من طرفَي الازمة لعدم إضاعة فرص التواصل على الاقل، لأنّ ذلك يترك الباب مفتوحاً امام عمليات التفاوض المباشرة وغير المباشرة.
تكشف أوساط الخارجية الروسية أنّ موسكو لا تملك مبادرة محدّدة للحل في سوريا، وأنّ كل ما يُروّج في وسائل الاعلام هو مجرّد تكهّنات وتوقعات، مؤكّدة أنّ اللقاءات المقرّرة نهاية الشهر المقبل في موسكو بين أطراف المعارضة السورية تهدف قبل كلّ شيء الى فتح ابواب الحوار، وأنّ موسكو لن تقدّم أجندة محدّدة للنقاش، بل إنّ كلّ القضايا ستكون مطروحة على الطاولة.
وتشير الاوساط الى أنّ عدداً كبيراً من فصائل المعارضة السورية في الداخل والخارج قد أبدت ليونة لافتة تجاه المساعي الروسية، وأعلنت استعدادها للمشاركة في اللقاءات، موضحة أنّ الاتصالات لا تزال مستمرة مع شخصيات سورية معارضة بهدف توسيع دائرة المشاركة، لكي تكون كلّ شرائح المجتمع السوري ممثلة في تلك الاجتماعات، لأنّ ذلك يساهم في تكوين رؤية موحدة لجميع الفئات المعارضة، ويسهل التفاوض لاحقاً مع الحكومة.
وتشدّد الاوساط على أنّ لقاءات موسكو مخصّصة للتشاور والبحث عن نقاط مشتركة يمكن البناء عليها لاحقاً في المفاوضات الموسعة، وأنّ هذه اللقاءات لن يتمخَّض عنها قرارات إلزامية، بل إنّها خطوة أولى على طريق تقريب وجهات النظر والتمهيد لخوض حوار مباشر من دون تدخلات خارجية.
وتؤكد الاوساط أنّ الديبلوماسيين الروس على تواصل دائم مع الامم المتحدة لتكون بصورة ما يُحقّق في تلك الاتصالات، لأنّ أيّ حلّ محتمل للأزمة السورية يجب أن يحظى بغطاء المؤسسات الأممية باعتبارها ضمانة دولية لتنفيذ بنود أيّ توافق تجمع عليه الاطراف السورية كافة.
وتثني الاوساط على الدور المصري الذي يشكل عاملاً مهماً في تقريب وجهات النظر بين المعارضتين الداخلية والخارجية، الأمر الذي يُمهّد لتنقية الأجواء قبل الشروع في لقاءات موسكو.
ولا تستبعد الاوساط أن تتمكن القاهرة من تكوين رؤية محدّدة يمكن الانطلاق منها في اتجاه بلورة خريطة طريق للحلّ السياسي لاحقاً، مشدّدة على اهمية اللقاءات التشاورية بين اطراف المعارضة لأنها تشكل أرضية للخروج بورقة موحّدة لاستكمال الحوار مع الحكومة في سبيل التوصل الى اتفاق سلمي لإنهاء الازمة.
وتؤكد الأوساط أنّ موسكو تؤيد الحوار السوري- السوري، وستعمل مع كلّ الاطراف على حدِّ سواء في سبيل تذليل العقبات امام الحل.
إذاً، ليس من المنتظر أن يخرج الدخان الابيض من موسكو أواخر الشهر المقبل، لكنّ انعقاد اللقاءات المقرّرة وفق الرؤية الروسية سيساهم في عودة قطار الازمة السورية الى سكة الحلول السياسية.