جاءت زيارة رئيس تيار المستقبل سعد الحريري الى موسكو بمستوى الاستقطاب اللازم لشرح الازمة اللبنانية في اعلى مستوى دولي، ومن خلال المصدر الاساسي المؤثر في مجريات الحال العامة في الشرق الاوسط التي دخلتها روسيا عبر الحرب السورية ومن باب ما فرضته مجريات الحرب العراقية، اضف الى ذلك الحال الايرانية لجهة تدخل طهران في البحرين والعراق وسوريا واليمن، الى حد القول ان الاميركيين مع حلفائهم الاوروبيين لم يعودوا يؤثرون في مجريات المنطقة الا بالتنسيق الكامل مع القيادة الروسية.
ومن خلال موسكو وتأثيرها المباشر في سوريا تحديدا جاءت خطوة الرئيس الحريري الساعي منذ وقت طويل لكسر الجمود المتعلق بالشغور الرئاسي في لبنان، من غير حاجة الى الادعاء ان الرئيس الروسي فلادمير بوتين قادر لوحده على اجتراح اعجوبة بحجم تذليل العقد الخارجية التي تمنع انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، بما في ذلك كسر حدة التدخل الايراني الذي بات يشكل عقدة دولية شاملة لها تأثيرها المباشر على كل ما له علاقة بالانتخابات الرئاسية في لبنان، بفعل تأثير طهران الاساسي على حزب الله الذي يصر على مقاطعة جلسات الانتخاب على رغم تأييده لرئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون!
المهم في هذا السياق، هو اقتناع موسكو بضرورة مساعدة لبنان بحسب ما طلب الرئيس الحريري، لاسيما انه يستحيل على الروس تجاهل الطلب اللبناني الذي عرضه بمختلف وقائعه الرئيس سعد الحريري، على امل ان يفهم بوتين ان من مصلحة بلاده ان يكون الوضع في لبنان سليما، وعلى شيء من التحرر من مؤثرات طهران وجماعة حزب الله، فضلا عن تأثير سوريا على رغم انشغالها بحربها الداخلية المرشحة للمعالجة في حال كان كلام صريح على تفاهم روسيا واميركا على ضرورة تخلي الطرفين عن رئاسة بشار الاسد، بما في ذلك ازاحة الاخير عن الحكم والتفاهم على مخرج سياسي للحكم السوري الجديد؟!
وثمة من يتصور ان زيارة الرئيس الفرنسي الى لبنان الشهر الجاري يمكن ان تحمل معها مشروع حل لازمة الرئاسة في لبنان، من غير تحديد ماهية اي حل لا يكون مطبوخا بأيد اميركية – روسية – ايرانية بحسب اجماع من يفهم في الامور الاقليمية التي من الواجب اخذها في الاعتبار، اضف الى ذلك ضرورة تفاهم اللبنانيين وفي مقدمهم حزب الله على طريق مقبولة تمهد لانسحابه من الحرب السورية، قبل ان تتطور الامور مع المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي باتجاه يثير قلق لبنان ديبلوماسيا واقتصاديا، لاسيما ان مشاكل الجاليات اللبنانية في الخليج مرشحة لان تتزايد في حال استمر تصرف حزب الله على ما هو عليه (…)
وما يثير الاستغراب في مجال زيارة الرئيس الحريري الى موسكو هو شعور رئيس تيار المستقبل ان الروس قادرون على ضرورة افهام ايران ان من مصلحتها ان تكون على علاقة طيبة مع جميع اللبنانيين وليس مع حزب الله وحده، خصوصا ان الاوراق الداخلية لحزب الله محسوبة لغير مصلحة الطائفة الشيعية وحدها، مع العلم ايضا ان التعقيدات في لبنان مرشحة لان تتطور لغير وحدة واستقرار هذا البلد الذي يعاني صعوبات مصيرية؟!
اللافت في خصوص زيارة الحريري الى موسكو ان سياسيين من خصوم قوى 14 اذار قالوا عنها قبل ان تصل الى حد لقاء القمة مع الرئيس بوتين انها ستقتصر على وزير الخارجية سيرغي لافروف وبعض الموظفين الديبلوماسيين، الى ان كانت المفاجأة حصول الاجتماع مع الرئيس الروسي على رغم انشغال الاخير بقضايا وشؤون تتعدى في اهميتها الوضع اللبناني (…)
ومن ضمن انشغالات الروس الدولية والاقليمية في الوقت الحاضر، هو شعور العالم المتضامن معها بأن من واجب موسكو عدم التركيز على مصالحها فقط، لاسيما ان هناك فرقاء محسوبون على الروس من الواجب تجنب قطع العلاقة معهم، فيما المطلوب عكس ذلك طالما ان من واجب لبنان ان يرعى مصالحه لاسيما المرتبطة بالانتشار اللبناني في معظم دول العالم، وهذا ما على موسكو ان تدركه عندما يدافع لبنان عن اصدقائه، من غير حاجة الى ان ذلك على حساب وطرف آخرين، اضف الى ذلك انه لا بد من ان تتطور علاقة لبنان مع سوريا في حال بقي نظامها قائما، او في حال تغيرت الجمهورية باتجاه نظام بديل كما توحي التطورات المرتبطة بمجريات الحرب عموما وبمجريات العملية المرشحة لان تتطور باتجاه السلام؟!