IMLebanon

موسكو تنقذ بيروت من إحراج التنسيق؟

 

ليس لدى روسيا حتى الآن خطة متكاملة بل مشروع خطة لعودة اللاجئين والنازحين السوريين الى بلادهم. هذا ما كشفته محادثات الوفد الروسي في الأردن ولبنان وتركيا، وسط جدّية موسكو وعواصم البلدان المضيفة في ايجاد حلّ سياسي وانساني لمسألة انسانية لها بُعد سياسي حقيقي. لكن عودة اللاجئين والنازحين هي جزء من تخطيط روسي شامل لمستقبل سوريا بعد الحرب المدمرة وترتيب موقعها الجيوسياسي على خارطة الشرق الأوسط في مرحلة تطورين لهما ما بعدهما.

أولهما فشل الربيع العربي وثوراته في تقديم ما طالب به المتظاهرون من حرية وخبز وكرامة، والنجاح الكبير لخصوم الثورات والقوى التي عملت على توظيفها في خدمة أهداف مختلفة عبر عسكرة الثورات، بحيث أعطيت التيارات الأصولية الظلامية فرصة السيطرة على الأرض وجرى تفكيك وحدة الأرض والشعب في بلدان عدة. وثانيهما سقوط دولة الخلافة الداعشية بعد سيطرتها على ثلث العراق ونصف سوريا، ونهاية حلم امارة النصرة القاعدية، وان بقيت خلايا قادرة على هجمات ارهابية انتحارية كما حدث مؤخرا في مذبحة السويداء.

فضلا عن ان روسيا تلعب في سوريا دورين متكاملين: انخراط عسكري مباشر في الحرب قلب موازين القوى في الداخل، وأعاد موسكو الى صدارة المسرح في الشرق الأوسط ودور القوة العالمية العظمى، وقال للجميع بوضوح ان اسقاط النظام صار مهمة مستحيلة. وانخراط سياسي وأمني في التسويات والمصالحات التي أخرجت المسلحين المعارضين من حلب وحمص والغوطة ودرعا والقنيطرة وسواها، بحيث لعب الضباط الروس دور المحاور مع المسلحين الذين يرفضون أو يخافون محاورة النظام مباشرة وبالتالي دور الضامن لخروجهم الى ادلب والبادية.

وليس ما تفعله روسيا حاليا مع عمان وبيروت وأنقرة في مسألة العودة سوى تكرار لدورها في مصالحات الداخل بالنيابة عن النظام. وهو إنقاذ من الاحراج في صفوف المسؤولين، حيث الانقسام في لبنان بين من يطالب بالتنسيق مع دمشق وبين من يرفض ذلك، وحيث الموقف الرسمي التركي واحد ضد النظام ومع غزو مناطق في سوريا. لكن عودة النازحين ليست مجرد تنسيق بين الدول المضيفة وموسكو بدل دمشق بل هي أيضا عملية تحتاج الى ترتيبات داخل سوريا، وضمانات لا أحد يعرف الى أي حدّ تستطيع روسيا الوفاء بها، وتفاهمات مع أميركا وأوروبا ودول عربية وايران وتركيا للعمل على تسوية سياسية وتمويل اعادة الاعمار.

وهذه مهمة صعبة وطويلة. وليس أمرا قليل الدلالات، بعد قمة هلسنكي، ان ترفض أميركا المشاركة، ولو كمراقب، في مؤتمر سوتشي الذي دعت اليه موسكو.