لا تغيير في الموقف الروسي من دعم سوريا والقيادة السورية والشعب السوري. هذا ما ذهب وزير الخارجية السوري وليد المعلم الى موسكو للاطمئنان الى ثباته، وسط مظاهر مقلقة. وهو ما سمعه من الرئيس فلاديمير بوتين الذي أعاد تأكيد الاستمرار في تقديم دعم سياسي وعسكري واقتصادي لدمشق. ولعل هذا هو الشيء الوحيد الملموس في محادثات موسكو. والباقي تبادل أفكار.
لكن موسكو الثابتة على الدعم تسجل وتتابع التغيير في الموقع السوري على الأرض. أولاً لجهة ما حدث من اخفاقات عسكرية. وثانياً لجهة التمدّد الجغرافي لتنظيم داعش وتعاظم خطره الارهابي على المنطقة والعالم. وثالثاً لجهة الوضع الانساني المحزن لملايين النازحين داخل سوريا وفي بلدان الجوار. وأبسط ما تفرضه التطورات في المشهد هو ما سمّاه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إجراء تحليل موضوعي بحثاً عن حلّ. وأقل ما جرى في حديث هاتفي مع الرئيس باراك أوباما بمبادرة من بوتين هو تكليف لافروف ونظيره جون كيري البحث في الجهود المشتركة الضرورية لمحاربة داعش.
ولا أحد يتّهم سيّد الكرملين بالميل الى الخطة السياسية واطلاق البالونات الديبلوماسية. وليس أمراً قليل الدلالات أن يقترح بوتين تشكيل تحالف اقليمي – دولي لمحاربة داعش نواته دمشق وأنقرة والرياض وعمان، ثم أن يعرض استخدام علاقات موسكو الطيّبة مع كل الدول في المنطقة للمساعدة في تشكيل التحالف. فهو يعترف سلفاً بأن المهمة صعبة، ويعرف ان الوضع أصعب. ولولا صعوبة الوضع وخطورته لما اضطر لتقديم اقتراح كهذا.
واذا كان ردّ الفعل الأولي للوزير المعلم هو ان الاقتراح يحتاج الى معجزة كبيرة جداً، فان التحليل الموضوعي للوزير لافروف يقود الى البحث عن معجزتين: معجزة ما تراه موسكو إجراء حوار بنّاء بين دول مهتمة بمحاربة الارهاب وما تراه دمشق مع دول متهمة بدعم الارهاب. ومعجزة الجانب الآخر من الحوار لتشكيل التحالف والحرب على الارهاب، وما أعاد لافروف التذكير به، وهو الحوار بين السوريين للاتفاق على حلّ سياسي. واذا كان لافروف يعترف بأن جهود النظام لمحاربة داعش ليست كافية وان الحاجة ماسّة الى تنسيق الجهود بين كل دول المنطقة، فان غياب الحل السياسي في سوريا هو وصفة للفشل المنفرد في محاربة داعش وللفشل في ضمان الجهود الجماعية.
ولا أحد يعرف كل ما يدور بين واشنطن وموسكو حول سوريا برغم الصدام في أوكرانيا. ولا شيء يوحي ان الساعة دقّت للتخلي عن الخيار العسكري المستحيل من أجل الحل السياسي الصعب.