IMLebanon

موسكو – تل أبيب: ثابت وحيد؟

 

الثابت الوحيد في تقلبات المنطقة وتطوراتها المتلاحقة يمكن اختصاره بالعلاقات الروسية – الإسرائيلية. هذه العلاقات تبدو كـ»جزيرة استقرار» تتلاطم على ضفافها مشاريع وخطط وسياسات، تتقارب حيناً وتتباعد أحياناً، على رغم الصور الزاهية التي يحاول البعض تقديمها عن واقع الأمور في علاقات الحلفاء والخصوم.

لم تهتز علاقات القيادتين الروسية والإسرائيلية طوال السنوات السابقة، وهي توطدت اثر التدخل الروسي في سورية قبل ثلاثة أعوام، فنشأت بين الطرفين لجان تنسيق عسكرية على مستوى رئاستي الأركان في البلدين، وأقيم خط اتصال عسكري للتنسيق بين القاعدة الروسية في حميميم ووزارة الدفاع الإسرائيلية، وقام رئيس الوزراء نتانياهو بزيارات متتالية إلى موسكو قابل خلالها الرئيس بوتين… ونتيجة هذا التعاون والتقارب، تمكنت إسرائيل من شن أكثر من مئة هجوم داخل الأراضي السورية مستهدفة خصوصاً مواقع إيرانية أو حليفة ولم تتدخل القوات الروسية أبداً لردع هذه الهجمات، ما أوحى بأنها تتم بمعرفتها ورضاها.

 

في المقابل، وعلى رغم «التحالف» بين دول آستانة الثلاث، روسيا وتركيا وإيران، وحركة هذه الدول على المسرح السوري، فان العلاقات الفعلية بينها لا توحي بتحالف فعلي، بحجم ما تظهره من تناقضات عميقة ستتكفل الأيام والظروف بتفجيرها. مثال على ذلك العلاقة بين روسيا وإيران، التي تخفي على رغم الخطابات المعسولة كمية من الخلافات التي يصعب إيجاد تسويات في شأنها. فإيران تعرف تماماً أن وجودها في سورية مطروح في الاتصالات الروسية- الإسرائيلية، وفي المحادثات الروسية- الأميركية. وموسكو نفسها أعلنت على لسان بوتين وعدد من كبار مسؤوليها أنها تريد انسحاب القوى الأجنبية كافة من سورية، بمن فيها القوات الإيرانية والتركية. وتركيا من جانبها تستعد لتبحث في قمة طهران لتحالف آستانة هذا الأسبوع، خطط روسيا وإيران لإخراجها وضرب الميليشيات المرتبطة بها في إدلب، فيما تتحدث عن تنسيق مع الطرفين يبدو أنه لا يتحقق سوى بالعقوبات الاميركية التي تضيّق الخناق على ثلاثي «خفض التصعيد» الشهير وتقدم له أرضية وحيدة لحديث مشترك.

 

مرة أخرى تتقدم إسرائيل كطرف وحيد يتحالف مع موسكو وواشنطن في وقت واحد، ويستفيد من تحالفه هذا لوضع علاقات روسيا مع حليفيها الإقليميين في دائرة الشك والامتحان. وآخر مسابقة في هذا الامتحان المستدام، قدمتها الأسبوع الماضي رداً على الاتفاق العسكري الايراني السوري، فلم تنتظر أكثر من 24 ساعة لتفجير مستودعات المزة، حيث يقال إن لإيران مخازن ذخيرة وصواريخ. وبهذه العملية قالت إسرائيل إنها مستعدة للتدخل عندما تخرق الخطوط الحمر التي وضعتها، فيما قد يعجز الآخرون عن وضع خطوط أو اختراق أخرى، على رغم وجود روسيا في دائرة تحالفاتهم، وهو ما يحصل في ادلب وحولها. فعلاً، العلاقات الروسية- الإسرائيلية هي الثابتة الوحيدة في الإقليم.