IMLebanon

موسكو للتعاون في الرئاسة ضمن مجموعة الدعم متى ينسحب المشهد الإقليمي المتغير على لبنان؟

اهتمت أوساط عدة بمحاولة معرفة خلاصات الزيارة التي قام بها الرئيس سعد الحريري لموسكو الاسبوع الماضي. وإذ أظهر الرئيس السابق للحكومة في الزيارة الاخيرة التي قام بها لموسكو حيث التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف ومسؤولين آخرين، المدى الذي يمكن ان يذهب اليه في استثمار علاقاته الخارجية للدفع في اتجاه انتخاب رئيس للجمهورية، بغض النظر عن احتمال نجاحه، فإنه أعاد الى الاذهان الاسلوب الذي كان ينتهجه والده الشهيد رفيق الحريري. وهذا الامر ليس بجديد في اداء الحريري، لكنه اكتسب أبعادا في ظل ظروف مختلفة تتصل بعودة الحريري الى بيروت بعد فترة غياب طويلة والموقع الذي احتلته روسيا في المنطقة بعد تدخلها العسكري في سوريا دعما لنظام بشار الاسد. كما انه اظهر ان للرجل مكانته وموقعه اللذين مهما سعى بعض الافرقاء الى الاستهانة بهما في لبنان من موقع الخصومة والعداء، فإنه يبقى مرجعا للنقاش معه. وإذا كان البعض يرد استقبال بوتين للحريري، وهو لا يحتل موقعا رسميا في الوقت الراهن، الى العلاقات الوثيقة القديمة نسبيا لآل الحريري مع الرئيس الروسي وأدوار اضطلع بها الرئيس رفيق الحريري في حل أزمة الشيشان، فإن ذلك لا يلغي حسابات الرئيس الروسي بالنسبة الى البعض الآخر في الانفتاح على الاعتدال السني، فيما تموضع الى جانب النظام السوري من أجل إنقاذه من الانهيار الذي كان على وشك الحصول لولا التدخل الروسي في ايلول الماضي. ويتوقع مطلعون أن يكون الحريري عرض لبوتين ما يفترض انه يعرفه من تطور للموضوع الرئاسي خلال العامين الماضيين، والذي انتهى الى دعم ترشيح النائب سليمان فرنجية الذي هو من قوى 8 آذار، في حين يستمر الفريق الذي يضم “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” معرقلا إنجاز الاستحقاق الذي يمس عميقا بالوجود المسيحي في المنطقة، في ظل التحديات الكبيرة لهذا الوجود، وسط غليان المنطقة والمساعي الدولية لتثبيت الأقليات المسيحية في الدول التي تهاجر منها. والتوجه الى موسكو هو جزء من الاقتناع بأن روسيا التي تقف في محور واحد مع النظام السوري وداعميه، أي ايران و”حزب الله”، يمكن ان تساهم في المساعي من أجل الافراج عن الانتخابات الرئاسية، خصوصا في ظل انهيار أو تآكل يواجهه لبنان على صعد متعددة في حال استمرار الفراغ في سدة الرئاسة الاولى، أو ربما تساهم في ضغوط معينة في هذا الاتجاه. فروسيا هي جزء او عضو من المجموعة الدولية لدعم لبنان التي اجتمعت مرات عدة في نيويورك وباريس كما اجتمعت على مستوى السفراء في لبنان، من دون ان يكون ضغطها كافيا او فاعلا للتأثير او الضغط معنويا من اجل الدفع في اتجاه انتخاب رئيس جديد، علما أن فرنسا التي تولت مباشرة الاتصالات مع الدول الاقليمية من اجل انهاء الشغور الرئاسي، لم تنجح ولم تضع الدول الاخرى يدها في يد فرنسا للمساعدة في هذا الملف. ولعل روسيا يمكن ان تظهر تجاوبا او رد فعل ايجابيا بالمساعدة الى جانب فرنسا في هذا الموضوع، علما أن موضوع حماية الاقليات الذي كان أحد البنود التي رفعتها روسيا لتدخلها في سوريا، لا تندرج من ضمنه المساعدة في انجاز الرئاسة اللبنانية باعتبارها الموقع المسيحي الرئاسي الوحيد في المنطقة، لان تدخلها في هذا الاطار قد لا يكون مردوده مهما بالنسبة اليها من دون ان يعني هذا الامر ان روسيا لا يمكن ان تضغط على ايران من اجل الافراج عن استرهانها الرئاسة اللبنانية، او انها لا تملك اوراقا تساهم في هذا الاتجاه، خصوصا ان روسيا انقذت ايران من انهيار مشروعها بدعم بشار الاسد في سوريا.

وبالنسبة الى بعض المتابعين، فإن التوقيت يكتسب اهمية او فرصا للنجاح انطلاقا من زوايا عدة لعل اهمها ان الاتفاق الاميركي – الروسي يتخطى موضوع ايجاد حل للحرب الاهلية في سوريا والتشديد على مفاوضات جنيف وفقا للقرار 2254 والالية التي لحظها للانتقال السياسي على رغم محاولات النظام لاستكمال استعادة بعض المناطق كمقدمة لاستئناف المفاوضات او سعيه الى فرض مفهومه للانتقال السياسي انطلاقا من فرضه انتخابات في 13 الجاري لا يمكن ان يشارك فيها اكثر من نصف شعبه في حين يستمر في حصار مناطق ولا يسمح بدخول مساعدات انسانية اليها او في ظل استمرارحاجته لايران التي اعلنت عن ارسال قوات خاصة قبل يومين في اطار مساعدته على البقاء في المناطق التي تم استرجاعها او لمساعدته في استرجاعها. فما لا يمكن إغفاله هو تزامن جملة مؤشرات في دول تشهد حروبا مدمرة على غرار الانفراج النسبي الذي يشهده ملفان إقليميان في الوقت نفسه، بغض النظر عن احتمالات النجاح أو فرصه أو احتمالات الفشل. فهناك من جهة موضوع الازمة في ليبيا التي بدأت تشهد تحركا جديا لايجاد حل في ظل الالية التي تم وضعها لتمكين الحكومة هناك من الامساك بنسبة لا بأس بها من الوضع الليبي، وهناك من جهة اخرى موضوع اليمن الذي يشهد مؤشرات يمكن ان تنهي الحرب هناك وترسي قواعد حل يمني يوافق عليه كل الافرقاء. والملفان لا تبدو موسكو بعيدة منهما، على غرار ما هي الحال بالنسبة الى العراق أيضا. فهذا المشهد الاقليمي المتغير يأمل كثر ألا يبقى لبنان خارجه او ان يضطر الى انتظار نهاياته التي قد تطول على رغم المؤشرات الايجابية التي تظهر حاليا في شأنه.