IMLebanon

تقرير «الموساد» يرسم دور طهران الإقليمي

قد يكون من المتعذّر معرفة الجهة التي سرّبت تقرير الإستخبارات الإسرائيلية عن برنامج إيران النووي، إلى كلٍّ من قناة «الجزيرة» القطرية وصحيفة «الغارديان» البريطانية.

في التوقيت، يمكن فهم أسباب تسليم «الجزيرة» نسخة عنه، لتترافق مع زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الى واشنطن، ونقل رسالة تطمين الى دول الخليج حيال حقيقة هذا البرنامج ومخاطره، فيما نشره في «الغارديان» يُعزّز من صدقية التسريب.

الأصابع تشير الى «مصدر ما» رغب بتوجيه رسالة سياسية قاسية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، لدحض إدّعاءاته التي يستعدّ لتكرارها أمام الكونغرس الأميركي، تحذيراً من توقيع «العالم المتمدّن»، «إتفاقاً سيّئاً» مع إيران.

لم يكشف تقرير «الموساد» جديداً، خصوصاً أنّ تسريبات أميركية عدة كانت تشير على الدوام الى أنّ برنامج طهران النووي لم يصل، لا قبل سنتين ولا اليوم ولا بعد سنوات، الى مرحلة تَحوُّلِه برنامجاً عسكرياً يتيح تصنيع قنبلة نووية.

أمس الاول، بلغ الإحتدام السياسي بين الإدارة الأميركية ونتانياهو حدّاً جديداً من التصعيد، مع تحذيرات مستشارة الرئيس الأميركي للأمن القومي سوزان رايس من الآثار السلبية على مستقبل علاقات البلدين. وفيما يجد الديموقراطيون أنفسهم في موقف حرج على رغم إعلان الكثيرين منهم مقاطعتهم كلمة نتانياهو، سعى عضوان بارزان منهم الى عقد لقاء جانبي مع نتانياهو لكي لا يُفهم أنّ موقفهم موجّه ضدّ إسرائيل.

ويكشف مصدر أميركي أنّ اللوبي اليهودي – الأميركي «أيباك» محرَج هو الآخر، علماً أنّ الجالية اليهودية في غالبيتها تقف موقفاً مُشككاً من نتانياهو، وترغب بالحفاظ على ما من شأنه ضمان استمرار العلاقة الاستراتيجية بين البلدين.

والسؤال الذي يطرحه بعض الأوساط الأميركية اليوم لا يتعلّق بطبيعة الأخطار التي قد تنجم من توقيع إتفاق نووي مع إيران، ولا من عدد أجهزة الطرد المركزي ونوعيتها، سواء كانت من الجيل الاول او الثاني او الثامن، ولا حتى من كمية اليورانيوم الذي ستحتفظ به طهران، بل يتعلق بمستقبل العلاقة مع هذه الدولة «المحورية»، وهل إنها ترغب بالعودة الى المجتمع الدولي؟

يقول البعض «إنّ جولات التفاوض المكوكية والماراتونية تدور شكلاً حول الموضوع النووي، فيما الموضوع الفعلي هو موقع طهران ودورها الإقليمي». لا بل يؤكد هؤلاء أنّ تصاعد اللهجة المتشدِّدة لأوساط إيرانية، والمرفقة بالتدريبات العسكرية في مضيق هرمز، رسالةٌ مزدوجة للأميركيين ودول الخليج معاً.

فطهران تحاول الردّ على التشدّد الأميركي الذي برز أخيراً في ملفات إقليمية عدة، بدءاً من نتائج اجتماع الكويت الذي ترأسه وزير الدفاع آشتون كارتر، الى تصريحات كلٍّ من أوباما ووزير الخارجية جون كيري عن الدور غير البنّاء لطهران في المنطقة، من اليمن الى العراق وصولاً الى افغانستان، مع كشف صحيفة «واشنطن بوست» عن ميليشيات شيعية من أقلية «الهزارة» تدرّبها إيران وتموّلها لمواجهة «داعش».

تضيف تلك الأوساط «أنّ طهران تشعر بحصول تغيير في المشهد الإقليمي قد يقضم من حصتها فيه، وتراقب بدء تبلور محور تركي – كردي – عربي – خليجي، سيتكلّل بزيارة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الإستثنائية والعاجلة الى السعودية غداً، كان سبقها «عراضة» تركية في شمال سوريا، وكذلك زيارة الأمين العام لدول مجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف بن راشد الزياني الى عدن».

وتؤكد تلك الأوساط «أن ليس أمام طهران سوى شحذ أدواتها المحلّية وتمتينها، للردّ على هذا التراصف الإقليمي ضدّها، في وقتٍ تتسارع فيه الخطى نحو تأليف تحالف سياسي عسكري ميداني من دول «المحور السنّي»، سيتولّى في الاسابيع والاشهر المقبلة مهمة إنهاء «داعش» وإعادة رسم الخريطة الجيوسياسية في المنطقة».

هكذا ينظر الى جهود إيران في تعزيز ميليشياتها الشيعية في العراق ووضعها في صدارة المشهد هناك، ورعايتها للحوثيين في اليمن ودعمهم، واستعداداتها لإعلان «حزب الله السوري» على أنقاض «حزب البعث» ونظامه، ما يفسر كشفها السافر عن دورها المباشر في سوريا في المعارك الاخيرة، ويُعجّل في إنهاء نظام الرئيس بشار الأسد وتحويل سوريا دويلات ستخوض حروبها الاهلية بالتوازي مع حروب اليمن والعراق وليبيا وصولاً الى لبنان.