اذا اردت ان تعرف ماذا يجري في لبنان فعليك معرفة ماذا يجري في اليمن، على غرار ما كتبه الممثل الكوميدي الراحل نهاد قلعي في احدى المسرحيات التي شارك فيها الممثل العملاق دريد لحام حيث كان «حسني البرزان» يلعب دور مراسل صحافي فافتتح مقالته بـ «اذا اردت ان تعرف ماذا في ايطاليا عليك ان تعرف ماذا في البرازيل». فاذا كان النص قمة في الكوميديا الساخرة فان مقاربته في الواقع المعاش في لبنان واليمن قمة في الكوميديا السوداء كون غرق السعودية في وحول اليمن انعكس على الساحة المحلية من خلال استدعاء رئيس الحكومة سعد الحريري الى المملكة واجباره على الاستقالة التي تركت دوياً يعادل دوي الصاروخ البالستي الذي اطلقه الحوثيون واصاب مطار الملك خالد في الرياض فجن جنون السعودية واتهمت بان خبراء من «حزب الله» اشرفوا على اطلاق الصاروخ المذكور وفق الاوساط المواكبة للمجريات.
واذا كان استهداف مطار الرياض موجعاً للمملكة، الا انه شكل القشة التي قصمت ظهر حكومة الحريري الثانية لا سيما وان المجريات ان دلت على شيء فعلى ان «الحكاية ليست قصة رمانة وانما قصة قلوب مليانة»، اذا طفح كيل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان من الحريري الذي لا تجمعه به الا الخصومات فوفق احد نواب «تيار المستقبل» الذي «بق البحصة» اثر احتجاز رئيس الحكومة في المملكة، فان السعودية بقيادة بن سلمان اجهزت على الحريري بالتقسيط منذ وفاة الملك عبد الله كونه كان ينزله بمنزلة اولاده وما يعنيه الامر على صعيد صراع الأمراء للوصول الى العرش، وبلغت ثقة الملك عبدالله به حدّ وضع مبلغ مليار دولار بتصرفه لصرفه في سبيل دعم الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي وفق ما يراه الحريري مناسباً، اضافة الى «الحكومة» التي قدمها الملك الراحل البالغ قيمتها 3 مليارات دولار لشراء اسلحة ثقيلة وفي طليعتها المدرعات لصالح الجيش اللبناني.
ويضيف النائب المذكور والذي شدد على عدم ذكر اسمه كون «المجالس بالامانات» ان الاجهاز على الحريري سياسياً ومالياً ومعنوياً جداً بنسف الحكومة اثر وصول الملك سلمان الى العرش خلفاً لشقيقه الراحل عبدالله، اما الحلقة الثانية في المسلسل السوداوي السعودي تجاه الحريري فقد تمثل بافلاس شركته «سعودي – اوجيه» درة تاج المملكة الحريرية من خلال حجب مستحقاتها لدى المملكة لتشويه سمعة الحريري دولياً لا سيما وان معظم العاملين فيها من الاجانب فرنسيين وبريطانيين واميركيين وما يعنيه الامر حيال سمعة رئيس الحكومة، ولعل اللافت انه بعد احتجازه واجباره على تقديم استقالته اجبر على التنازل عن 9 مليارات دولار هي مستحقات «سعودي – اوجيه» والتوقيع على ذلك.
ولعل اللافت وفق اوساط مراقبة انه اذا كانت السعودية تكفلت باغتيال الحريري مالياً وسياسياً ومعنوياً فان اسرائيل دخلت على الخط لتصفية رموزهم جسدياً، حيث نجحت شعبة المعلومات في الامن العام من توقيف العميل الاسرائيلي احمد الضابط في 5 من الجاري بعد مراقبته منذ مدة ووضعه في دائرة الرصد وهو من سكان صيدا ومن جماعة الارهابي احمد الاسير ولدى التحقيق معه اعترف بانه كلف من قبل مشغليه في «الموساد» الاسرائيلي بمراقبة تحركات النائبة بهية الحريري والاعداد لعملية اغتيالها التي استغلت الاجهزة الاسرائيلية توقيت استقالة الحريري للبدء بتنفيذها على امل احداث فوضى عارمة تتوج باقتتال سني – شيعي يبدأ ولا ينتهي، الا ان يقظة الامن العام افشلت المذبحة المرتقبة.
اما لماذا النائبة الحريري وليس غيرها، تقول الاوساط ليبرز الامر وكأنه رد فعل على استقالة الحريري من رئاسة الحكومة للتعمية على الحقيقة اضافة الى انها قامة سياسية ورفيقة شقيقها الشهيد رفيق الحريري ناهيك بانها دعامة اساسية في «تيار المستقبل» حيث يتولى ابنها احمد الامانة العامة للتيار الازرق، فيما يشغل نجلها نادر دور المستشار الشخصي للرئيس الحريري وكاتم سره الامين، فهل بموازاة الاغتيال السياسي والمالي والمعنوي لرئيس الحكومة على يد السعودية تكفلت اسرائيل بتصفيتهم جسدياً، ولماذا في هذه المرحلة بالذات نشرت وزيرة الخارجية الاسرائيلية ستيفي ليفني صورة تجمعها بمدير المخابرات السعودي الاسبق تركي الفيصل في احدى العواصم الاوروبية على حسابها الشخصي، وسبق لليفني تصريحها المشهور: «عاشرت مسؤولين عرباً لاستولي على اسرار دولهم».