تؤكد أوساط سياسية مطلعة، أنه على الرغم من الإيقاع السريع الذي انطلقت به عملية تأليف الحكومة الجديدة، فإن البحث ما زال يتركّز عند الإطار الأولي لتوزيع الحقائب، ذلك أن التوافق على الخطوط العريضة لهذه العملية لم ينجز بعد، ويتطلّب المزيد من المشاورات والإتصالات. وتكشف الأوساط أن ترجمة الوعود بتذليل العقد السياسية، وبالتعاون غير المشروط بالنسبة لتوزيع الحقائب الوزارية، تبدو غير سهلة، أو على الأقلّ لم تبدأ من الناحية العملية باستثناء المواقف المبدئية المعلنة، مما يطرح تساؤلات حول إمكان ولادة الحكومة العتيدة قبل منتصف أيلول الجاري كما هو مقرّر. وتشير الأوساط المطلعة، إلى أن البحث يتناول حجم الحكومة، في ظل تباين في المقاربة ما بين المعنيين بعملية التشكيل بالنسبة للسير في حكومة مصغّرة أو حكومة من 20 وزيراً وفق ما يميل إليه رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي يعتبر أن تسلّم أي وزير لحقيبتين وزاريتين سيؤدي إلى عرقلة العمل وليس تسهيله، وذلك بصرف النظر عن طبيعة الحقيبة الوزارية.
لكن هذا التفصيل، وكما تقول الأوساط نفسها، قد أدّى إلى إرجاء البحث بتوزيع المقاعد الوزارية إلى الأسبوع المقبل، حيث برز توجّه لدى الرئيس المكلّف مصطفى أديب إلى إنجاز مسوّدة الحكومة في غضون أيام معدودة، على أن تبصر هذه الحكومة النور ضمن سقف زمني لا يتجاوز الأيام العشرة.
وتضيف الأوساط عينها، أن الأجواء المحيطة بهذه العملية، تتّسم بالإيجابية حتى الآن، على الرغم من عدم حصول تقدم سريع بالنسبة لتحديد فريق العمل الذي سيتولى مهمة الإنقاذ والإصلاح، في ضوء تأكيد كل من رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف على وجوب أن يكون هذا الفريق متجانساً من أجل تطبيق أجندة العمل التي يشترط المجتمع الدولي على لبنان تطبيقها تدريجياً، مع برمجة زمنية للإصلاحات. وتستبعد هذه المصادر بروز أي شروط مسبقة في هذا المجال، مشيرة إلى أن الأطراف السياسيين متّفقون على الإلتزام بالوعد الذي قطعه للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالعمل على تسهيل تشكيل الحكومة وتذليل أية عراقيل من شأنها أن تؤخّر هذه العملية، وبالتالي، فإن ما من فيتوات ستكون واردة، بصرف النظر عن الخلافات التي ظهرت إلى العلن في الأيام الماضية، مع العلم أن كل هذه المناخات لن تؤثّر في إيقاع العمل الذي انطلق وما زال مستمراً.
ومن هنا، فإن خط التواصل مفتوح ما بين المرجعيات السياسية من أجل أن تحظى الحكومة العتيدة بدعم الشارع انطلاقاً من الوجوه الجديدة التي ستضمها، كما من خلال برنامج العمل الذي ستضعه وتعمل على تنفيذه من دون أي تأخير. وفي هذا الإطار، تكشف الأوساط السياسية المطّلعة، أن الرئيس ماكرون، على اطلاع بما يجري في لبنان من مشاورات على الصعيد الحكومي، وهو يحثّ كل الأطراف السياسية على الإنخراط في عملية تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات التي تمكّن لبنان من الحصول على دعم قوي للخروج من أزمته.
ولذا، فإن الهدف الفرنسي لا يتركّز على التوصل إلى اتفاق بين الأحزاب والقوى السياسية فقط، بل الحصول على التزام واضح وفعّال في إطار العقد الجديد الذي عرضه الرئيس ماكرون في زيارته الأولى إلى بيروت، مع الأخذ في الإعتبار، أنه سيكون حريصاً على أن تأخذ الإلتزامات التي ستنفّذها بكل متطلّبات الأطراف اللبنانية من دون أي استثناء.