إستياء نيابي من دعوة عون الكتل للتشاور في بعبدا
من المنتظر ان تفصلنا ساعات قليلة عن الموعد المحدد لولادة الحكومة، بعد ان مُنح لبنان وقتا اضافيا عن المدة المعطاة له من قبل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والتي انتهت يوم الاثنين الماضي رغم تدخله المباشر منه من خلال الاتصالات التي اجراها مع بعض المسؤولين اللبنانيين لتسهيل مهمة الرئيس المكلف مصطفى اديب وانطلاق عجلة العمل الحكومي والاسراع في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة من لبنان للبدء بتقديم الدعم الدولي والمساعدة له.
وفي مقابل ما يقوم به الرئيس المكلف من عمل جدي والتزامه الصمت من اجل ولادة حكومة مهمة وانقاذ كما هو مطلوب منه دوليا وشعبيا، جاء موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عقب الزيارة التي قام بها اديب يوم الاثنين الماضي الى قصر بعبدا بدعوة رؤساء الكتل النيابية للتشاور معهم في شكل الحكومة وعدد اعضائها والمداورة في الحقائب وهذا الامر يعتبر سابقة دستورية خطيرة ، حيث من حق الرئيس المكلف وحده عقد لقاءات تشاورية غير ملزمة مع النواب لتأليف حكومته بالتشاور مع رئيس الجمهورية.
من هنا تستغرب مصادر نيابية بارزة دعوة الرئيس عون للتشاور مع رؤساء الكتل التي ابدى البعض منها استياءً من هذا التصرف الفاضح لخرق الدستور، مشيرة انه كان الاجدى على الرئيس عون ان يسهل تشكيل الحكومة الجديدة واصدار مراسيمها، وبعدها يلعب المجلس النيابي دوره بالنسبة لاعطاء الحكومة الثقة او عدمه، خصوصا ان الوقت ليس لصالح احد، فإما الانقاذ او استمرار الانهيار.
مصدر نيابي في اللقاء الديموقراطي اعتبر انه كان من المنتظر ان تتشكل الحكومة بداية الاسبوع الحالي، لكن الاجواء يبدو انها لم تكن مؤاتية فأتى التريث، رغم ان هذا الامر ليس لمصلحة البلد خصوصا اننا نشهد تريثا على كل الاصعدة منذ الاربع سنوات.
ورأى المصدر انه لا يمكن للمبادرة الفرنسية الانتظار اكثر خصوصا ان الرئيس ماكرون ابلغ كل المسؤولين الذين التقاهم سحب مبادرته اذا لم يتم تلقفها بعد ان اصبح البلد في انهيار كلي، ويذكّر المصدر بأن الرئيس ماكرون وضع للبنان برنامجا اقتصاديا ماليا انقاذيا وهو لم يدخل بالامور الكبيرة وتجنب حتى ذكر موضوع الانتخابات المبكرة التي يطالب البعض بها، واسف المصدر بأن القوى السياسية على تنوعها لا تستطيع بعد وضع الاولويات او حتى اختيار هذه الاولويات في العمل السياسي في ظل وجود سياسيين يعتبرون ان الاولوية لديهم هي مصالحهم الخاصة، ولم يستوعبوا بعد الى اي مستوى انهيار وصلنا اليه، مشددا على ضرورة ان يتحمل كل مسؤول مسؤوليات القرارات التي يتخذها.
ولفت المصدر الى ان اجواء الاستشارات التي اجراها الرئيس المكلف وهي شملت جميع الاطراف السياسية لم تكن تؤشر الى ان هناك طرف يريد العرقلة.
وردا على سؤال حول ما اذا كان وضع العقوبات الاميركية على بعض المسؤولين اللبنانيين هو من اجل افشال المبادرة الفرنسية، يشير المصدر الى انه لو كان الامر كذلك فعلا فانه علينا عدم اعطائه الذريعة لافشال هذه المبادرة الانقاذية، واعتبر المصدر الى ان لدى الطرف الاميركي اولوية سياسية وهي تبدأ بالصراع مع ايران وترتيب وضع المنطقة والمصالح مع اسرائيل والنفط والغاز.
كما لفت المصدر الى انه يجب مناقشة نقطة اساسية بين جميع الاطراف وهي امكانية اجراء الاصلاحات ام لا ؟ وهذه نقطة يجب ان تشكل اولوية لدى الجميع دون استثناء، فالاصلاحات امر اساسي يجب البدء بتنفيذها اليوم قبل الغد في ظل انهيار البلد و نكبة المرفأ التي زادت الامور سوءًا، والمبادرة الفرنسية تركز على هذا الامر وتعتبره بند اساسي لانقاذ لبنان. وتمنى المصدر تخطي كل التفاصيل واعطاء الفرصة للمبادرة الفرنسية التي تشدد على ضرورة تشكيل حكومة مستقلة وعلينا تجربتها.
وتوقع المصدر انه في حال وضعت العراقيل امام الرئيس اديب فانه قد يعتذر، وعندها نكون اصبحنا امام كارثة حقيقية، مستبعدا ان يجرؤ الرئيس عون على توقيع مرسوم حكومة امر واقع، واشار المصدر الى انه عندها تستمر حكومة الرئيس حسان دياب بتصريف الاعمال الى اجل غير مسمى، رغم ان الدستور واضح لناحية دعوة رئيس الجمهورية لاجراء استشارات جديدة لاختيار رئيس للحكومة من اجل تكليفه ، ولكن للاسف فإن رئيس الجمهورية لا يلتزم بنصوص الدستور وهو يؤخر الدعوة بشكل مستمر مما يعتبر سابقة دستورية، ويعود المصدر للتأكيد ان الرئيس المكلف هو من يجب ان يشكل الحكومة بالتشاور مع رئيس الجمهورية وليس الاخير من عليه تشكيلها، ولكن ما يحصل حاليا حسب المصدر هو دليل اضافي الى ان هناك اشخاص لا ترضى باتفاق الطائف وتحاول استغلال اي فرصة لضربه.
وعن سبب زيارة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الى فرنسا يؤكد المصدر بان الزيارة كانت مبرمجة منذ وقت سابق وهي خاصة.
واكد ان اللقاء الديموقراطي يشجع قيام حكومة صعيرة رشيقة مستقلة ، تضم اختصاصيين كفؤين يعطون رسالة ايجابية للداخل اللبناني اولا من خلال اتخاذها اجراءات والقيام باصلاحات، وكذلك صورة مطمئنة للخارج، ويتساءل المصدر اذا اتت الحكومة وضمت شخصيات غير مطمئنة فماذا نكون فعلا؟
وعن التوقيع الثالث وتمسك الرئيس نبيه بري بوزارة المالية لم يوافق المصدر على مطلب الرئيس بري ، مشددا على اهمية المداورة في الحقائب الوزارية من المبدأ العلماني، ويتساءل المصدر من طوب كل وزارة لتكون لطائفة معينة واي نص بالدستور يتحدث عن هذا الامر؟ مشيرا الى انه في نهاية المطاف لا يمكن ان يمر اي موضوع في المجلس النيابي دون موافقة رئيسه .
ويؤكد المصدر الى ان الطائفية هي سبب انهيار البلد من خلال النظام اولا، ومن ثم تكريس السوري هذا الامر بالممارسة اثناء وجوده في لبنان من خلال تشرذم الطوائف والمذاهب وليتحكم بالسيطرة، ثم جاء سلاح حزب الله ليكرس الامر بشكل اكبر.
وختم المصدر بالقول «لا ينقذنا الا اتباع نظام العلمنة في لبنان».