Site icon IMLebanon

ارتـفــاع نـبرة الخـــطــــاب السياسي لا تـعــنـي انسداد الأفـــــق الحكــومـــي

 

مع بلوغ سقوف التصعيد السياسي مستويات غير مسبوقة، واستمرار البحث عن مخرج من مأزق الشروط المتبادلة التي أحبطت ولادة حكومة الرئيس مصطفى أديب، بدأت ترتسم على الساحة الداخلية أزمة سياسية هي أزمة حكم وليس أزمة حكومة، وفق أوساط سياسية مطلعة، كشفت أن المرونة التي أبداها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لم تلقَ أية أصداء إيجابية لدى كل القوى الناشطة على خط تأليف الحكومة.

 

وفي الوقت الذي تردّد أن الرئيس المكلّف يتّجه إلى إعلان اعتذاره، نفت هذه المصادر أن تكون هناك مهل زمنية مطروحة من أجل الوصول إلى هذه النهاية، مؤكدة أن اتصالات ربع الساعة الأخير لم تحصل بعد، وأنه من الممكن أن يتم استكمال الإتصالات بين كل الأطراف السياسية من جهة، والرئيس المكلّف من جهة أخرى من أجل الإستفادة من كل الجهود الجارية بعيداً عن الكواليس، بغية إيجاد المخرج المطلوب، وتفادي الوصول إلى ترجمة الإحتقان بقرارات أو خطوات سياسية لا تحقّق هدف أي طرف، ولا تستجيب للتوجّهات التي شدّدت عليها المبادرة الفرنسية.

 

ومن هنا، تعتبر المصادر نفسها، أن ارتفاع النبرة في الخطاب السياسي لا يعني بالضرورة انسداد الأفق الحكومي، بل على العكس، فإن المفاوضات تجري اليوم على نار حامية في ظل تأكيد كل الأطراف على الوفاء بتعهّداتها، ولكن من دون التسليم من قبل أي طرف للطرف الآخر بالموافقة المسبقة على كل ما يطرحه في الموضوع الحكومي، خصوصاً وأن الرئيس الفرنسي يتابع عن كثب كل مجريات المشاورات الحكومية الحاصلة بموازاة متابعة المناخات الدولية والإقليمية، وبشكل خاص التواصل الذي سُجّل أخيراً ما بين باريس وموسكو، والتي لم تثمر إلى اليوم، ولكنها تمهّد لتطوّرات قد ترتدي طابعاً إيجابياً من دون أن تؤدي بالضرورة إلى تسوية الأزمة بشكل كامل، إذ على الأقلّ قد تنجح العاصمتين الفرنسية والروسية في إرساء ما يشبه التهدئة والتوافق السياسي الداخلي من أجل تمرير المرحلة المقبلة بأقلّ ثمن أو كلفة على الإقتصاد وعلى اللبنانيين، خصوصاً في ظل عودة شبح الإقفال العام بسبب ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا في الأيام الماضية.

 

وتوضح المصادر السياسية المطلعة، أن الهدف من مبادرة الرئيس ماكرون لم يكن بلورة صيغة حل سياسية للخلافات المستحكمة في لبنان، بل فقط العمل على إيجاد معادلة حكومية تسمح بمواجهة تداعيات انفجار مرفأ بيروت في 4 آب أولاً، وتحسين الوضع الإقتصادي والمالي ثانياً، والقيام بالإصلاحات ثالثاً، وذلك بعيداً عن أية انقسامات وسجالات سياسية من الصعب الإنخراط في مناقشتها في ظل الظروف الحالية، لكن تحوّل عملية تأليف الحكومة إلى بازار سياسي للداخل والخارج، جعل من هذه العملية أمراً معقّداً ومشوباً بالخطر، إذ أن التصلّب من قبل الفريقين السياسيين اللذين ينشطان على خط التأليف قد أطاح بالمبادرة وبكل المعادلات الداخلية من دون أن يكون واضحاً المخرج الملائم لهذين الفريقين اللذين باتا يطرحان تعديل الدستور وإنجاز تغييرات دستورية في الوقت الذي يفتقر فيه لبنان إلى عامل الوقت، ولا يحتاج سوى إلى حكومة متجانسة تنفّذ المهمات المطلوبة منها، وترجئ كل الملفات الخلافية إلى ما بعد الإنتخابات الرئاسية الأميركية التي تحوّلت إلى محطة مصيرية في الصراعات الحاصلة في المنطقة.