ثمة أجواء توحي بأن شيئاً ما قدّ يتحضّر ويحمل معه الفرج الحكومي وينجح الرئيس المكلّف سعد الحريري في المهمة الصعبة، لكن مقابل هذه الأجواء التفاؤلية هناك جو تشاؤمي يؤكّد أن العصي أمام دواليب مهمة الحريري لا تزال كثيرة ولن يستطيع تجاوزها.
حتى هذه الساعة، لم تفح من القصر الجمهوري في بعبدا ولا حتى من “بيت الوسط” أجواء تشير إلى أن الحريري سيقدّم تشكيلة كاملة متكاملة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون اليوم وسيوافق عليها، إلا إذا حلّت معجزة قبل زيارة الحريري إلى القصر الرئاسي وتمّ الإتفاق على تجنّب الإستمرار في الشلل الحكومي.
وأمام تعنت الداخل ورفع الشروط والشروط المضادة، يظهر جلياً أنّ المجتمع الدولي وفي مقدمه أوروبا يتجه أكثر للتشدّد في طلب الإصلاحات، لأنه كلما تأخر الوقت كلما ارتفعت وتيرة الإنهيارات المالية والإقتصادية والإجتماعية وأصبحت طريق الحل أصعب بكثير.
ولا تودّ دول الإتحاد الاوروبي أن تشاهد بأم العين إنهيار أحد بلدان حوض البحر المتوسط وبلد يُعتبر حليفاً تاريخياً لها ومتأثّراً بثقافتها، لذلك فان الألمان دخلوا كقوة دفع جديدة تساعد الفرنسيين في كسر الجمود الحاصل.
لكن كما بات معروفاً فان المعايير الموضوعة أو بالأحرى عدّة الشغل غير مطابقة لمواصفات الألمان ودول أوروبية أخرى، لذلك فان كل ما يحصل من مماطلة في التأليف ينظر إليه الأوروبيون بعين الريبة ويتوقعون إتجاه الوضع اللبناني نحو المزيد من التدهور.
ولا يظهر حتى الساعة أن رئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل سيسهّل مهمة الحريري المنتظرة، وقد عاد بعد العقوبات الأميركية عليه إلى معادلة “إما أنا والحريري داخل الحكومة أو خارجها سوياً”، وبالتالي فان العقبة الأكبر في درب الحريري تبقى في طريقة إقناع باسيل بالتخلي عن سقف مطالبه.
وفي هذه الأثناء تتوارد معلومات بأن المبادرة الألمانية والأوروبية لحظة انطلاقها بزخم ستترافق مع اعتذار الحريري وتسمية شخصية سنية جديدة لرئاسة الحكومة، ولا تقتصر هذه الأفكار على من هم في صفّ الخصومة مع الحريري، بل على قوى سياسية في الوسط. وبما أنّ الرئيس المكلّف السابق مصطفى أديب سفير للبنان في ألمانيا ويعرف العقلية الألمانية والأوروبية جيداً وقد نال رضى الشارع ولا يشكّل نقطة خلاف، فان الإتجاه قد يكون في حال إعتذر الحريري عن التأليف إلى تسميته مجدداً.
كل هذا السيناريو مطروح في حال استمرار فشل الحريري بمهمته، لكن يبدو جلياً أن الحريري سيحتفظ بالتسمية في جيبه ولا يريد أن يتنحى وليس هناك من أجواء توحي بأنه قد يذهب إلى هذا الخيار، بل كل شيء يشير إلى أنّه باق كرئيس مكلّف بانتظار حصول فرج داخلي أو تطوّر خارجي مهمّ يدفع في اتجاه ليونة عون وباسيل.
وفي هذه الأثناء، يستمر أديب في ممارسة مهامه كسفير للبنان في ألمانيا، ولم يخرج منه أو من القريبين منه أي أجواء تدل على أنّه سيقبل بمهمة التكليف إن عُرضت عليه مجدداً، وهو يلتزم الصمت المطبق، في حين أن شخصيته ونمط عمله يدلان على أنه لن يقبل أن يدخل في زواريب السياسة أو يطمح بزعامة ما، بل يقبل فقط بمهمة إنقاذية محددة مترافقة بدعم داخلي ودولي.
كل ما يدور حالياً من أحداث يبقى في إطار السيناريوات التي قد تحصل او لا تحصل، في حين أنه إذا حصل إتفاق خارجي ما فلن تستطيع قوى الداخل الوقوف في وجهه، لذلك فان كل الإحتمالات مفتوحة على مصراعيها بشأن أديب أو الحريري أو غيرهما.