Site icon IMLebanon

أمهات لـ «حزب الله»: أخبرونا قبل «استدراجهم».. إلى الموت

كشفت معارك القلمون ولاحقاً الزبداني، حجم النقص الذي بات يُعانيه «حزب الله» في عديد مقاتليه، بعدما أوقعت له الحرب التي يخوضها ما يُقارب الألفي عنصر، بينهم عدد كبير من الجرحى الذين توصف حالتهم بالحرجة، والتي كان حشد لها ما يُقارب العشرة آلاف عنصر من «القوّات الخاصة» و»التعبئة» إضافة إلى العديد من عناصر «سرايا المقاومة»، ما يعكس حجم المأزق الذي يتخبّط به خصوصاً إذا ما قورنت حربه اليوم بحرب تموز 2006 حيث كانت يومها طلبات الانتساب للمقاومة تُرد أو تؤجّل لعدم القدرة على استيعابها دفعة واحدة.

تمنّع بعض من عناصر «حزب الله» عن الالتحاق بمراكزهم في القلمون والزبداني بعد منحهم إجازات فصلية مدتها عشرة أيام، يعود لعدم وجود اقتناع تام أو إيمان مُطلق لدى هؤلاء بصوابية هذه الحرب والجدوى من الاستمرار بها، وما يزيدهم يقيناً في ذلك، أن الحرب بالنسبة اليهم لا تندرج ضمن عقيدتهم القتالية ولا الدينية إضافة إلى هروب عناصر النظام السوري من المعارك وانسحابهم إلى نقاط خلفية تُعتبر أقل خطورة، ما يجعل عناصر الحزب يواجهون مصيرهم وحدهم في أرض معركة هم فيها غرباء، سواء كانوا أحياء أو أموات.

بعد فتحه جبهة الزبداني، أدخل «حزب الله» في صلب عقيدته القتالية مفهوماً جديداً يشرح فيه دوافع الحرب التي يخوضها انطلاقاً من مذهبته لها وبث الخوف والرعب في نفوس جمهوره وبيئته من عدو ينتظر الفرصة للانقضاض عليهم. هذا بالنسبة إلى من يعتبرهم الحزب مقربون منه، أمّا في ما خصّ حلفاءه، وتحديداً بعض الفصائل الفلسطينية المسلحة، فإن الأمر يبدو مُختلفاً من الناحيتين العقائدية والجغرافية. ففي الأيام القليلة الماضية طفت على سطح ساحة «حزب الله» خلافات وقعت بينه وبين فصيلين فلسطينيين وصلت إلى حد القطيعة السياسية والعسكرية بعدما رفض أحدهما بالمطلق طلباً إيرانياً يدعوه إلى مساندة الحزب في سوريا، فيما ترك الفصيل الآخر لعناصره حرية المشاركة من عدمها.

يُشير مصدر عسكري فلسطيني الى أن فصيلا فلسطينياً وصلت العلاقة بينه وبين قيادة «حزب الله» إلى حد القطيعة بعدما تمنّع عدد كبير من عناصره عن العودة إلى سوريا للقتال إلى جانب الحزب في منطقة الزبداني خصوصاً أن «حزب الله» كان قد أخضع نحو مئتي عنصر من الفصيل المقاتل لدورات عسكرية مُكثّفة في البقاع بطلب من القيادة الإيرانية، لكن وبعد مداورة في الإجازات بين هذه العناصر، لم يعد إلى جبهات القتال سوى عشرة عناصر منهم، فيما آثر الباقون عدم الالتحاق وقد رفعوا كتاباً إلى قيادتهم يشرحون فيه أسباب تمنّعهم من دون أن تُبدي الأخيرة أي اعتراض على موقفهم.

واقع صعب إلى حد ما يعيشه «حزب الله» على صعيد مواقف فئة داخل بيئته مُعارضة لتدخله في سوريا رغم أنها لا تُشكّل نسبة مرتفعة قياساً مع الفئة الداعمة لخياراته وتحديداً خيار الحرب التي يخوضها اليوم في وجه من يُسميهم «التكفيريين». هذا الواقع دفعه منذ يومين تقريباً إلى تنظيم جولة لوفد إعلامي وفنّي معروف الانتماء للقيام بزيارة إلى الجنوب خصوّا فيها أهالي عناصر من الحزب قضوا في سوريا، من باب رفع المعنويات في صفوف جمهوره خصوصاً أن من بين الوفد من هم معروفون بانتمائهم المادي والسياسي لـ»حزب الله» وبالدفاع عنه حتى الاستماتة.

جولة الوفد لم تشمل بلدة جويّا في قضاء صور، وإلا لكان لأهالي البلدة موقف آخر منها ومن الحرب التي عبّروا عن رأيهم تجاهها الأسبوع الماضي أمام مسؤولين من الحزب في البلدة وأمام قيادات رفيعة من خارجها. ففي تفاصيل رواها عدد من أهالي بلدة جويّا أن «مركز «حزب الله» في البلدة كان دعا مجموعة من الشُبّان تراوح أعمارهم بين ستة عشر وتسعة عشر عاماً إلى دورة تثقيفية خارج البلدة لفترة لا تزيد عن أسبوع بموافقة أهالي بعضهم، لكون البعض الآخر يتيماً أو يعيش في منزل جديّه بعيداً عن عائلته المهاجرة، لكن الفترة طالت ووقع ما لم يكن في الحسبان.

معلومات من داخل البلدة تؤكد، أنه منذ أسبوع تقريباً اتصلت جهة من «حزب الله» بجدة أحد هؤلاء الشبان لتُخبرها بأن حفيدها يخضع للعلاج في أحد المستشفيات بعدما تبين أنه مُصاب بورم في الرأس أثناء الدورة، لكن وبعد قدوم خالته من بلد قريب بهدف الاطمئنان على حالته كونه يتيم الأم والأب، اكتشفت أنه مُصاب برصاصة في رأسه أصيب بها أثناء مشاركته في الحرب في الزبداني، ما خلّف حالة من الغضب والاعتراض لدى الأهالي حيث بدأوا يطالبون باسترداد أبنائهم مُهددين مسؤولي الحزب الحزب في البلدة بفضحهم على وسائل الإعلام في حال عدم عودة أبنائهم في غضون يومين.

أمهات هؤلاء الشبان تحدثوا على الملأ عن علمهن المُسبق بالتحاق أبنائهن بالدورة المذكورة وهن لم يبدين أي اعتراض سواء كانت الوجهة تثقيفاً أو قتالاً خصوصاً في ظل الأجواء المشحونة التي يعيشها أبناء البلدة والمفروضة عليهم في بعض جوانبها. إلا أن الأمهات في المقابل طالبن «حزب الله» بوضع الأهالي في صورة ما يحدث لأبنائهم وعدم الالتفاف حول تسميات مثل: «كشفية» و»تثقيفية» و»عقائدية». فهذه والدة تصرخ «خذوهم إلى الموت، لكن قبل ذلك أخبرونا أين ستكون وجهتهم، أقله لنقوم بتوديعهم قبل أن يسلكوا طريق الموت».