خلافاً لكل الاشهر الماضية التي تلت الشغور الرئاسي فان حلول عام على هذا الشغور، قد وضع عواصم القرار الدولية امام تحدي التحرك الجدي للخروج من هذا الواقع الدقيق وذلك عبر حراك يبدأ مطلع حزيران المقبل ولن يتوقف حتى التوصل الى تسوية تؤمن اطاراً سياسياً لادارة الواقع اللبناني والحفاظ على الستاتيكو السياسي بعيداً عن اي توتر، وذلك فيما لو تأكد ان هذا الشغور مرشح للاستمرار طويلاً. وقد وضعت مصادر ديبلوماسية غربية شخصية سياسية مسيحية في هذه الاجواء، مشيرة الى ان الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي قد باشرا اتصالات مباشرة بالمسؤولين اللبنانيين وغير مباشرة مع مسؤولين اقليميين، في محاولة، ليست الاولى، لتسهيل انتخاب رئيس للجمهورية من خلال فك ارتباط الوضع اللبناني بأزمات المنطقة وخصوصاً الحرب السورية. وكشفت الشخصية المسيحية نقلاً عن هذه المصادر ان موفداً دولياً سيزور العاصمة الايرانية ثم الرياض في هذا المجال، لطرح ملف الاستحقاق الرئاسي ولكن من دون ان تكون لدى الموفد اي تصورات مسبقة عن الاتجاه الذي قد تسلكه المبادرة الدولية للخروج من المأزق الرئاسي وتفادي التداعيات الخطرة للفراغ والتي بدأت الساحة اللبنانية تعيشها في الاسابيع الماضية.
كذلك لفتت الى ان الفاتيكان يلاقي هذا الحراك الدولي في منتصف الطريق، فالموفد البابوي وزير الخارجية السابق في الفاتيكان دومينيك مامبرتي يزور بيروت ويلتقي قياداتها كما البطريرك بشارة الراعي، لبحث الملف الرئاسي وليس اي ملف آخر. وأوضحت الشخصية المسيحية ان مبادرة سابقة كانت قد أطلقت من الفاتيكان وجرى إبلاغها الى المعنيين، ولكنها لم تؤد الى احداث اي تغييرات فعلية في مواقف المسؤولين المتشددة ازاء الانتخابات الرئاسية وبالتالي اصطدمت بالاصطفافات السياسية والتي ما زالت حادة وقوية رغم مرور سنة على الشغور الرئاسي.
وتكتمل لوحة الحراك الدولي باتجاه العاصمة اللبنانية، كما تكشف المصادر الديبلوماسية ايضا، من خلال الاهتمام الدولي الديبلوماسي عبر السفير في بيروت بلقاءاته مع المرجعيات الداخلية، كما المتابعة الاميركية والتي تقتصر على الجولات الاستطلاعية فقط التي يقوم بها سفير الولايات المتحدة، ولا يخفي خلالها قلق بلاده من استمرار الشغور الرئاسي وتداعياته على الوضع الامني وخصوصا على الحرب التي يقودها الجيش اللبناني ضد الارهاب في الداخل وعلى الحدود الشرقية مع سوريا. واضافت ان الدعم العسكري الملحوظ من قبل الادارة الاميركية للمؤسسة العسكرية، يهدف الى تعزيز قدرة الجيش على مواجهة الاخطار المرتقبة التي قد تنتج عن اي هجوم مباغت قد يقوم به تنظيم «داعش وجبهة «النصرة» على اي قرية لبنانية حدودية.
وركزت هذه المصادر على ان التحرك الديبلوماسي الاميركي والروسي يتوقف عند حدود مرحلة التدخل في الشؤون اللبنانية، كون الازمة الرئاسية ما زالت تحمل طابع الخلاف السياسي الداخلي وتحديدا داخل البيت المسيحي، مما دفع باكثر من موفد غربي زار بيروت اخيرا او يستعد لزيارتها مجددا الاسبوع المقبل، الى التأكيد على الدور المسيحي في التوصل الى مخرج لهذه الازمة. وفي هذا السياق تشير الشخصية المسيحية، الى ان المصادر الديبلوماسية قد ابلغت بكركي ان فقدان التوافق المسيحي الداخلي يؤدي الى ربط الملف الرئاسي بالازمة السورية وبالتوترات الاقليمية. مع العلم ان تسوية اي وضع اقليمي لن يؤدي بالضرورة الى تسوية الازمة السياسية اللبنانية. واضافت انه انطلاقا من هذه المعادلة، لا بد من الخروج من «الوضع المقفل» ووضع نهاية للشغور الرئاسي الذي ترفضه بكركي كما الفاتيكان بقوة قبل عواصم القرار الدولية.