لم يأتِ كلام الوزير جبران باسيل في الضنية من العدم. على رصيف جولته الشمالية، أطلق وزير الخارجية موقفاً مسيحياً: «لن يكون هناك تشريع ونحن على قارعة الطريق، ولن يكون هناك مجلس نيابي لا يعطينا التمثيل الحقيقي». تلاقٍ تلقائي بين كلام «الوزير الماروني» والادبيات التي أرساها «اللقاء الارثوذكسي» في الساحة السياسية. إنها «الأسباب الموجبة» للدور المسيحي وحضوره في لبنان الذي لم يسمّه، صدفة، البابا يوحنا بولس الثاني «رسالة». انها «طلائع» حراك مسيحي مرتقب لـ «تغيير النظام».
ربما هو السؤال الكبير الذي يطرحه اللبنانيون من حيث لا يدرون. في ورقته التأسيسية يطرح «اللقاء الارثوذكسي» ما تحول اليوم إلى بيت القصيد في حل الازمة السياسية، بدءا من المطالبة بقانون انتخاب عادل ومنصف لاعادة تكوين السلطة، مروراً بقانون الجنسية لإعادة التوازن بين المكونات اللبنانية وانتهاءً بالتعيينات. الرهان قائم على أن ثمة يقظة مسيحية حيال الدور التاريخي الذي يجب أن يميز بين «الشركاء» و «الأجراء»، والسعي بالتالي الى وضع دستور يرعى الشراكة بكل ما تعنيه الكلمة.
في ظل «الغليان» الذي تعيشه المنطقة، يبدو «السعي جديا»، بحسب متابعين، لوضع الاسس العملية لتغيير النظام، أو بالمعنى الاصح إصلاحه. المنطقة ترتب نفسها ولبنان يجب أن يفعل ذلك ايضا. يقول هؤلاء: «لا بد من إعادة ترتيب البيت اللبناني في ظل تعنت البعض وتمنعه عن مقاربة الموضوع والاصرار على تقديم نماذج مسيحية مستولدة في كنف الآخرين، كما ورد في التسجيل الخاص بالرئيس الرفيق الحريري مع الوزير السوري وليد المعلم حيث «عرض» عليه اسماء غطاس خوري وروبير غانم وغيرهما كـ «طلبية نيابية جاهزة». كل هذا المشهد لن يقبل به المسيحيون بعد اليوم، وعلى أنقاضه سيؤسس العماد ميشال عون للحراك المرتقب. فالامور تبدو كأنها تسير بهذا الاتجاه على أن تتضمن الورقة البرتقالية «طروحات عون المتعلقة بالرئاسة والحكومة والمجلس بالاضافة إلى إعلان النوايا المتفق عليه بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية».
هذه الورقة المسيحية الجامعة ستثلج صدور الحريصين على المصلحة المسيحية التي لا تتأمن المصلحة الوطنية من دونها. يعطي معنيون بهذا الحراك الموعود عنواناً للأيام القادمة: «إنها مسيرة زجر اليد الموضوعة على التمثيل المسيحي في الرئاسة والنيابة والوزارة والادارة والامن وكل مرفق والتي ألبسها البترودولار لباس تبرير الاستتباع والاستيلاد في كنف الآخرين، فنسي المسيحيون معها انهم الاصل وقبلوا بدور الاجير».
وفي الرئاسة، يدرك عون أن لا معركة حالياً طالما ان لا رئيس يمكن ان يولد من دون توافق سعودي ايراني. والاخير، أي التوافق، في حالات صعود وهبوط كثيرة. كما أن لا تعويل على اي دور فرنسي يقال ان البطريرك بشارة الراعي يسعى إلى تفعيله لانقاذ الرئاسة. ناهيك عن ان الاليزيه لم تأتِ يوما برئيس، في تاريخ لبنان.. الحكومة تتحول غالبا الى حكومات والرئاسة تدنو من 25 الجاري كأي يوم آخر في السنة.
ويقول أحد المقربين من العماد عون: «الجنرال يشعر بسعادة حقيقية لأنه حرر أداءه من كل الاوهام التي كانت سائدة في الساحة اللبنانية والشعارات التي كانت تستعمل من اجل إبقاء اليد مطبقة على الحالة المسيحية التي حان الوقت كي تتحرر».