المُعلن ان العماد ميشال عون سيتابع حراكه الشعبي في بيروت وبعض الضواحي، والمضمر ان هذا الحراك سيكون أقل طيشاً واستفزازاً، من ذاك الذي حصل عصر الثلاثاء ونهار الأربعاء، والذي ارتبط عملياً بوجود وزير الخارجية الايرانية محمد جواد ظريف في بيروت، أكثر من ارتباطه بمسائل حكومية، على اعتبار ان رئيس الحكومة تمام سلام كان حينها في عمان.
ويبدو ان ثمة ما كان مأمولاً من زيارة ظريف الى بيروت، غير الحديث عن السياسة الايرانية في مرحلة ما بعد الاتفاق النووي، من تعاون بين حكومتي البلدين واشادة بالرئيس تمام سلام واستعداد للتحاور على مستوى دول المنطقة، لكن ظريف ترك أمور الحلفاء في بيروت لمن يعنيهم الأمر في العاصمة اللبنانية، مكتفياً بالرسميات، حتى انه لم يجب، ولو من قبيل المجاملة، على من قال له انه وطهران في خندق واحد ضد الارهاب التكفيري.
على أن المبالغة في التقرّب أفضت الى عكس المشتهى، فاذا باتهام تيار المستقبل بالداعشية وبالدولة الاسلامية من قبل ناشطي التيار الوطني الحر، يثير حنق الحلفاء قبل الخصوم، فكيف يكون المستقبل داعشياً فيما هو يخوض حواراً نصف شهري مع حزب الله برعاية رئاسة مجلس النواب؟
هذا الاتهام الذي نسبه النائب فريد الخازن عضو تكتل التغيير والاصلاح الى مخيّلة المتظاهرين، نافياً عنه الصفة التنظيمية الرسمية، رغم وروده على لسان وزراء في التيار، أثار غضب شارع تيار المستقبل، لكن قيادة التيار كانت أسرع الى ضبط الأمور والتعميم على الكبار والصغار بعدم الرد على الوطني الحر، الباحث عن ردّ يؤجج اللهب في موقده الشعبي الهامد.
لماذا المستقبل؟ لأنه بعد التحفظ الرئاسي، وتأجيل تسريح قادة الجيش، لم يعد في ميدان خصوم التيار الحر، غير حديدان المستقبل، وحركة أمل… فالقوات تحكم علاقتها بالتيار ورقة نيّات، والعلاقة مع الكتائب أقل عدائية، وبما ان الرئيس نبيه بري حليف الحليف، وقعت القرعة على تيار المستقبل، خصوصاً وان علاقاته الاقليمية تساعد على ايصال الرسالة العونية سريعاً، وموقفه الرافض قطعاً لزيادة سني خدمة الضباط، واضح القصد.
المصادر المتابعة، تقول ان الشعارات التي أطلقت في حركة التيار لن تظهر بعد اليوم، انما حراكه سيصوّب على اجتماعات مجلس الوزراء ولئن ترتب عليها المزيد من تضييق الخناق المالي والاقتصادي على المواطنين، بحكم الشلل المتوقع المزيد منه على مستوى الدولة، فالعماد عون عاقد العزم على أن لا يخرج من مولد الرئاسة أو قيادة الجيش بلا حمص… أقله ما قد تحققه له مثل هذه الضغوط، من ايحاء بالامساك بالشارع المسيحي، مع ان العكس أقرب الى المنطق والواقع، فالمواطن اللبناني محنّك بما يكفي، ليطلب حلاً لمشاكله من دون عراك، بل هو كالنسيم السريع، ليس سهلاً القبض عليه.
الآن لبنان لا زال في الدائرة المغلقة، والدائرة هي الحلقة التي ليس لها بداية ولا نهاية. يقولون ان لبنان لا بد من أن يتأثر بالمناخات المرتقبة، لقد بدأت الأمور تعود الى طبيعتها الشرعية في اليمن، وسوريا على الطريق، والى حد ما العراق، وقد تكون في آخر درجات السلم، وهذا لا بأس به، طالما اننا نطبخ الحلول، أو بالأحرى يطبخون لنا الحلول، على البارد، والمهم ان نصل الى انتخاب رئيس للجمهورية، في يوم من الايام، وعبر صندوقة الاقتراع، لا غير…