IMLebanon

حراك موسكو بعد حلب:  خارطة طريق معقّدة

ليس للدور الروسي في حرب سوريا وظيفة واحدة. لا في حسابات الرئيس فلاديمير بوتين. ولا في تصورات حلفائه وخصومه. فاللعبة، بالمعنى الاستراتيجي، يديرها الروس، وان تعدّدت الأيادي والخيوط فيها. وهم يلعبون على كل الخطوط في سوريا بمقدار ما يوظفون المسرح السوري في تحقيق أهداف تتجاوزه الى المنطقة وأوروبا وأميركا. والكل يدرك، حتى بعد معركة حلب، أن الذهاب الى النهاية في الخيار العسكري صعب وطويل وبالغ الكلفة، وان التسوية السياسية أصعب نظرا الى التقاسم الحالي للخارطة السورية بين قوى داخلية وخارجية. وكما في الخيار السياسي كذلك في الخيار العسكري: الحاجة الى أطراف متعددة بعدما تجاوز الوضع مرحلة الصراع بين طرفين: نظام ومعارضة.

ذلك ان موسكو تجمع وزراء الخارجية والدفاع في روسيا وتركيا وايران للبحث في المعلن من أولويات بوتين بعد حلب: ترتيب وقف نار شامل، واعداد طاولة مفاوضات سورية – سورية في عاصمة كازاخستان استانا لبلورة موقف على طريق التسوية السياسية. لكنها تعرف ان ما تحتاج اليه التسوية ليس فقط الاتفاق على نوعية المعارضين الذين يفاوضون وفد النظام بل أيضا إرضاء كل القوى الاقليمية والدولية التي لها أدوار بشكل أو آخر في حرب سوريا. فلا إمكان نجاح لأية قرارات لا تشارك فيها ايران كما يقول محسن رضائي أمين سر مجمع تشخيص مصلحة النظام. ولا طهران هي العاصمة الاقليمية الوحيدة التي لا بد من ارضائها في أية تسوية.

ومن هنا تحديد الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا يوم ٨ شباط المقبل موعدا لمعاودة المفاوضات في جنيف. فالتفاهم مع تركيا وايران لا يغني عن التفاهم مع أميركا، ولا يلغي اهتمامات الدول المسماة جماعة فيينا والدول المسماة أصدقاء سوريا. والطريقة الروسية في الحرب والديبلوماسية تقود الى السعي لاقناع الجميع بأن مفاوضات استانا هي تمهيد لمفاوضات جنيف، وان الشغل مع تركيا وايران هو لترتيب الشغل مع النظام والمعارضة ونزع الألغام على طريق العمل الأساسي مع أميركا وبالتالي مع أوروبا.

والمعادلة واضحة: تستطيع وحدك فعل كل شيء في الدمار، لكنك تحتاج الى الآخرين في اعادة الاعمار. موسكو قادرة، مع دمشق وطهران، على الاستمرار في الحرب، لكن التسوية في حاجة الى أميركا، واعادة الاعمار في حاجة الى أميركا وأوروبا والسعودية ودول الخليج وتركيا مع روسيا وايران.

ولا اعادة اعمار من دون وقف الحرب. ولا وقف للحرب من دون تسوية سياسية. ولا تسوية من دون حلول للأزمة التي قادت الى انتفاضة جرى تحويلها الى حرب.