يحلو لجهابذة وأقلام وأبواق محور المُمانعة رمي موبقاتهم على ممانعيهم، وتتبارز وسائل الاعلام المُستفيدة من تقديماتهم «الشريفة» مع وسائلهم الاعلامية الخاصة لإبتداع أنجع السبل من اجل خداع المجتمع وقلب الحقائق، وتتمادى يومياً بإلقاء ما عندهم من خطايا على الأطراف المعارضة لإلصاقها بهم، ولجلدهم.
وبالنظر بدقّة في النيّات الخبيثة الكامنة في منهجية هذا المحور، نستطيع فهم قدرة مسؤوليه ومرشديه الفقهيين على توجيه الإتهامات التخوينية لمن لم يخضع لتعليماتهم ولنظرتهم ولطروحاتهم الفئوية. إنّها معجزة التدجيل والنفاق التي امتهنوها بتفوّقٍ على جميع من سبقهم من أجهزةٍ لأنظمةٍ اعتمدتها لإخضاع شعوبها وتنويم ناشطيها. ونقرأ في سياق عمل هذه المنهجية الكلام الذي صدر الاسبوع الماضي لرئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، حيث يتمنّى فيه للشعب اللبناني أن يتخلّص من الآلام التي سبّبها له الانهيار الكامل الذي وصلت له البلاد، وقد حدّد ذلك بأنه نتيجة 15 سنة من الحكم الظالم والمنظومة الفاسدة. وعند قراءة هذا الكلام، يُخيّل الينا وكأنّه صادر عن أحد مسؤوليّ أطراف المعارضة أو الحركات المدنية العديدة الناشطة ضدّ الطبقة السياسية، أو كأنّ النائب رعد قد تقدّم باستقالته من «حزب الله»، وتاب، وانضمّ إلى أكثرية الشعب اللبناني التوّاق لتحرير وطنه من محور المُمانعة المُدمِّر لطاقاته.
إنّه بالفعل كلام يدعو الى الحيرة إن لم نعِ أنّ أجهزة هذا المحور تعتمد عن سابق تصوّر وتصميم أسلوب التجيير للعورات التي تطبع مسارها، لمعارضيها، مع التخطيط الجهنّمي لجلد كلّ من يرفع الصوت بوجه المحور، فاضحاً ألاعيبه. إنّ قدرة المحور الشيطاني على التلبّس بمرض Schizophrenia، وتبنّي خطاب معارض والدعوة الى التغيير، قد أدّت به فرضياً الى التموضع في جبهة المتعاملين مع العدوّ، كون «حزب الله» اتّهم دائماً كل من ينتفض ضدّ المنظومة بالعمالة مع العدوّ.
ويحتجّ النائب رعد على عدم مُحاسبة المسؤولين عن وصول البلاد الى الوضع الانهياري، محاولاً إخفاء الحقيقة الواضحة بأنّ دويلته هي التي تحمي المجرمين وتمنع الملاحقات، وتدعم المُهرّبين وتُهدّد القضاة، وتشهر السلاح بوجه المُعارضين وتتعدّى على المتظاهرين، وتُصفّي الناشطين، وقد وصلت الأمور مع النائب رعد إلى حدّ المطالبة بالتغيير، ليتحوّل بذلك، رئيس الكتلة الأكثر تأثيراً في الأحداث اللبنانية في السنوات الخمس عشرة، هو المُطالب الاساسي بالتغيير، ولكن أي نوع من التغيير؟
مع فظاعة هذا الأسلوب وانكشاف نفاقه، يجدر التطرّق للأفكار التي وردت في خطابات ومواقف مسؤوليّ محور المُمانعة لأنّها تغزو صفحات الكثير من المواقع الاعلامية وتحاول بأسلوب الانظمة البوليسية تسميم أفكار المتابعين، تحضيراً لتبرير اللجوء الى جلد المعارضين. وتأتي مناورة «حزب الله» الأسبوع الماضي على أرض جنوب لبنان محطّةً متكاملة مع عملية التجيير، والجلد، لأنّها تُمثّل برأيهم القدرة التي يستخدمونها في عمليات الجلد وإنهاء المُعارضين. فما شهدناه في سهول عرمتى من استخدام للسلاح الحيّ، هو التهديد بالسلاح قبل استعماله ضدّ الآخرين، وهو تصويب لفوهات السلاح قبل اطلاق النار.
يُلبسون خطاياهم وعوراتهم المُدمِّرة للانتظام العام وللعلاقات الطبيعية بين فئات الوطن، لمعارضيهم من أجل تبرير اسباب إطلاق عملية لحظة الصفر للقضاء على المعارضين المُزعجين، في وقت تُثبت فيه الأحداث أنّهم هم أكثر المتعاملين مع أعداء لبنان، حيث يضربون مفهوم الدولة وهيبتها وايجابات الشراكة فيها، وصورة الحفاظ على التوازنات فيها، وليس هناك من طرفٍ على الأراضي اللبنانية ساهم في السابق، أو يُساهم الآن بتدمير هذه الخصائص التي حفظت لبنان سابقاً، أكثر من صاحب المناورة الاجرامية العسكرية في عرمتى.
القضاء مطالب عند التقدّم بإخبارٍ أمامه، بالأدلّة والبراهين، بالنظر في القضية المُثارة امامه، وذلك منعاً للظلم ولتجيير الاتهامات ولجلد المُتّهم، وفي حالة فريق المُمانعة في لبنان الذي يُحاول التخلّص من عوراته برميها على المعارضين، فما أكثر الأدلّة التي تُدينه، فما على القضاء الا التصرّف بصلاحياته لحماية الحقيقة ومنع التجيير، ووقف مُمارسات محور المُمانعة، ومنع استمرار المخالفات الشبيهة لما يُسمّى «جمعية القرض الحسن» التي تُصنّف من أكثر العورات التي تُصيب النظام العام والقوانين المرعية.
لن يكون دولة إن لم يُحاسبوا على عوراتهم.
(*) عضو تكتّل «الجمهورية القوية»