مقبل لـ«السفير»: لمسات أخيرة على عقود تسليح الجيش
سلام من باريس: لمواكبة إقليمية ودولية في ملف الرئاسة
بدأ رئيس الحكومة تمام سلام، امس، زيارة رسمية الى فرنسا يرافقه فيها نائب رئيس الحكومة سمير مقبل ووزير الخارجية جبران باسيل، ووفد عسكري برئاسة نائب رئيس الاركان للتخطيط العميد الركن مارون حتي، ويلتقي خلالها كبار المسؤولين الفرنسيين وعلى رأسهم الرئيس فرنسوا هولاند.
وأكد سلام على متن الطائرة التي أقلته انه سيثير مع الجانب الفرنسي ما يمكن أن تقدمه فرنسا للبنان في الأمورالمتعلقة بالعلاقات الثنائية وأزمة النازحين السوريين والاستحقاق الرئاسي وتسليح الجيش ومكافحة الارهاب. موضحا ان «لفرنسا دورا أساسيا في معالجة هذه الملفات، لا سيما الجهد حول انتخاب رئيس للجمهورية، وان فرنسا نقلت الينا ان أجواء الدول المهتمة بالوضع اللبناني تدعو الى تفاهم اللبنانيين على شخصية توافقية».
وردا على سؤال لـ«السفير» عما اذا كان الموفد الفرنسي جان فرنسوا جيرو قد حمل مقترحات معينة أو أسماء شخصيات توافقية، قال سلام: «لا.. لم يطرح أي اسم أو مقترحات محددة، لكنه دعا الى ان تحسم القوى السياسية اللبنانية أمرها وتتوافق بالحوار على رئيس معين. إلا ان هذا لا يلغي ان هناك دوراً لبعض الدول الاقليمية المهتمة بلبنان يمكن ان تلعبه لتسهيل انتخاب الرئيس».
ورافق الرئيس سلام زوجته السيدة لمى، وعدد من المستشارين، وانضم اليه في باريس القائم بأعمال السفارة اللبنانية غادي الخوري.
وأشار سلام إلى أن «أبرز الملفات التي نحملها الى فرنسا هي العلاقات اللبنانية الفرنسية الوطيدة، والحرص على مصالح لبنان ودور فرنسا في مؤازرتنا في محنتنا، والاهتمام الشخصي من الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بقضايانا الداخلية، لا سيما ملف رئاسة الجمهورية».
أضاف: «الفرنسيون يبذلون جهدا وسنتواصل معهم في هذا الإطار وهم يريدون الاطلاع منا على ما حصل مع القوى السياسية لجهة التوافق حول ملف الرئاسة، ونحن نقول انه أمر له أبعاد إقليمية ودولية وهي متحركة وفاعلة، وبالتالي فإن أي جهد يساعد لبنان يجب أن نعطيه أهمية بالتواصل مع كل الدول».
وردا على سؤال حول الحركة الديبلوماسية في اتجاه لبنان، لا سيما في طرح ملف الرئاسة وربطه بأبعاد سياسية وأقليمية. أجاب: «الجميع يتمنون أن تحسم القوى السياسية أمرها وان تجد المخرج المناسب بما يضمن أمن واستقرار لبنان، ولكن تحركهم يؤكد انه اذا كان هناك أي مجال للمساعدة فلن يقصروا بذلك، ونحن متمسكون بهذه العلاقات».
وعما حمله جيرو أجاب: «زيارة جيرو تنطوي على التواصل والحركة والمتابعة إقليميا ودوليا لمساعدة لبنان على مواجهة هذا الاستحقاق، لكن الجهود في هذا السياق تبقى لبنانية ــ لبنانية في جوهرها، بداية هي عقبة لبنانية من أجل التوصل الى اتفاق، لكن الامر يتطلب مواكبة اقليمية ودولية».
تابع سلام: «أما في ملف النازحين السوريين، فنريد دعما ومؤازرة مميزة، ليس لتخفيف أعبائه الاقتصادية والاجتماعية، بل ايضا الأمنية، لأنها تفاقم المشاكل والمخاطر».
وفي ملف تسليح الجيش الذي يأتي في إطار الهبة السعودية اعتبر أن «الأسلحة التي سنحصل عليها ستساعد الجيش في الذود عن الوطن ومواجهة الارهاب والارهابيين الذين يهددون كياننا، اذ ان هناك بعدا سياسيا وفتنويا، لا سيما في موضوع الخطف لزرع الفتنة وإحداث انشقاق في ما بيننا. وفي الثالث عشر من الشهر الجاري ستوقع نهائيا المعاملات بين فرنسا والسعودية على ضوء انتهاء فرنسا من تزويد لبنان بالاسلحة».
وحول ملف العسكريين قال: «هذا الملف حرج ودقيق ولسنا وحدنا كدولة نعاني منه، وإذا كان هناك مجال للتعاون على مستوى أمني وتقني واستخباراتي لاستيعاب هذه الحالة فلن نقصر في ذلك مع أي دولة».
مقبل: المفاوضات الأخيرة للتسليح
وقال وزير الدفاع سمير مقبل لـ«السفير» انه والوفد العسكري سيجريان محادثات مع وزير الدفاع الفرنسي وقيادته «لوضع اللمسات الاخيرة على لائحة السلاح والعتاد الذي يطلبه لبنان من ضمن هبة الثلاثة مليارات دولار السعودية، ولوضع اللمسات الاخيرة على العقود النهائية لصفقة السلاح، على ان تذهب هذه العقود بصيغتها النهائية الى السعودية للتدقيق فيها وإعطاء الموافقة خلال فترة لا تزيد عن شهر، وفي حال حصول الموافقة السعودية النهائية يبدأ تنفيذ الصفقة وشحن السلاح الى لبنان».
وأوضح مقبل ردا على سؤال ان التدقيق السعودي يشمل مطابقة نوعية السلاح للشروط التقنية الصحيحة، ومطابقة المعروض باللوائح المطلوبة، وان الصيانة والكفالات مشمولة بالعقد ولها حصة من هبة الثلاثة مليارات.
وقال: «لبنان أنهى ما هو مطلوب منه وحدد لوائحه، وكان هناك فريق فرنسي في لبنان عمل مع الفريق اللبناني، واجتماعنا مع وزير الدفاع يتركز على أمرين أساسيين وبسيطين لمعالجتهما: الاول هو تعهد لبنان بعدم إعادة بيع أو إهداء هذا السلاح والعتاد الى أي جهة اخرى لأنه مخصص للجيش اللبناني، والثاني هو تفاصيل الدفعة الاولى التي يفترض ان تدفعها السعودية للفرنسيين. ومتى تم التفاهم على هاتين النقطتين نرسل العقود الى السعودية للتوقيع».
وأكد ردا على سؤال انه «لا تحفظ لدى السلطات الفرنسية على أي نوع من السلاح والعتاد الذي طلبه لبنان».
في مجلس الشيوخ
ووصل الوفد اللبناني الى باريس ظهرا، وكان في استقباله في مطار رواسي ــ شارل ديغول سفير لبنان في الاونيسكو خليل كرم والقائم بأعمال سفارة لبنان في فرنسا غادي خوري وأعضاء السفارة. وتوجه سلام والوفد الى مقر مجلس الشيوخ حيث استقبله رئيس المجلس جيرارد لارشيه.
كما زار سلام مقر البرلمان الفرنسي وعقد لقاء مع اعضاء لجنة الشؤون الخارجية بحضور جميع أعضاء الوفد الرسمي، وعقدت جلسة استهلتها رئيسة اللجنة اليزابيت غيغو بكلمة ترحيبية، أكدت فيها الاهتمام الفرنسي بلبنان.
وألقى سلام كلمة عرض فيها ما يمرّ به لبنان اليوم «بواحدة من أخطر المراحل في تاريخه، بسبب تراكم الأزمات المتوالدة، التي تكفي واحدة منها فقط لاضعاف أي بلد».
وقال: «ان التحديات التي يواجهها لبنان تتخطى الإطار الاقتصادي والسياسي والأمني لترتدي طابعا وجودياً. فهي تهدد أساس بنيان البلاد التي تعتبر نموذجا للتعايش. ان كل هذه التحديات تفرض علينا المحافظة على أقصى حد من التلاحم ومتابعة جهودنا لاحتواء التوترات. لكن حجر الزاوية في هذا الجهد يكمن في الحفاظ على حسن سير المؤسسات التي تشكل الضمانة الوحيدة للحريات. ولذلك، فإننا نكرر دائما دعوتنا الى القوى السياسية الى تحمل مسؤولياتها وانتخاب رئيس للجمهورية في اقرب وقت ممكن».
أضاف: «ان تصاعد التطرف يزيد من هشاشة الاوضاع في لبنان وخارجه. والرد الوحيد على هذه الظاهرة يكمن في تعزيز معسكر الاعتدال، الذي يتطلب حتماً تصحيح عملية الظلم الأكبر في المنطقة، أي إيجاد حل دائم للصراع الفلسطيني ــ الاسرائيلي على أساس القرارات الدولية ومبادرة السلام التي قدمها ملك السعودية».
وطرح نحو عشرة نواب أسئلة تفصيلية حول الوضع اللبناني بكل تشعباته السياسية والاجتماعية والامنية والاقتصادية والعسكرية، فرد سلام عليها دفعة واحدة، داعيا فرنسا الى التعجيل في تسليم لبنان الاسلحة التي تم الاتفاق عليها.
وحول ملف الرئاسة، أعرب عن أمله في إنهائه قريبا «لأن القوى السياسية بدأت تشعر بخطورته»، داعيا «الدول الصديقة، وبخاصة فرنسا، الى المساعدة في هذه المسألة الحساسة».
وأكد ان النازحين سيعودون بغالبيتهم الساحقة الى بلادهم فور ان تضع الحرب أوزارها هناك. داعيا فرنسا الى زيادة مساعدتها الى لبنان في هذا المجال.
وشدد سلام ان «اتفاق الطائف ما زال صامدا رغم انه لم يطبق بكامله، ولست قلقا من احتمال فقداننا سيادتنا واستقلالنا».
واعتبر ان «وجود حزب الله في سوريا لا يساعد الوضع اللبناني، خاصة ان الحكومة قررت اعتماد سياسة النأي بالنفس، ولكن بالحوار يمكن حل كل الامور».