IMLebanon

منيف الخطيب: سألت غازي كنعان لماذا لا تعترفون بمزارع شبعا؟ أجاب: Raison d’état

 

“القضيّة الفلسطينية مُحقّة أما العمل الفدائي فخرب لبنان”

 

 

إبن شبعا، ناضل واستخلص وكتب وعايش ويعرف ويعترف. وآخر الأسعديين (من الأوفياء لكامل الاسعد). وهو في عداد آخر من عايشوا صناعة إتفاق الطائف في الطائف. وهو الشاهد على تفاصيل علاقة كامل بك الأسعد بفخامة بشير الجميل. إنه جريء مع «وقف التنفيذ». يقول ويقول ولا يلبث أن يعود ويقول: ليس كل ما يقال يُنشر. معه حقّ لكننا نكتب للتاريخ وهو جريء. القضيّة الفلسطينية في دمه وعروقه ويقول عنها: «إنها محقّة لكن العمل الفدائي في لبنان ليس ليُحرر فلسطين بل ليخرب لبنان». هو يعرف الكثير لكن قليلين يتذكرون إسم النائب عن منطقة الجنوب (دائرة مرجعيون- حاصبيا) في انتخابات دورة الـ 1972 الذي استمر، بحكم التمديد، حتى 1992. عشرون عاماً في مجلسٍ نيابي شهد بداية حرب ولوّن إتفاق نهاية حرب. منيف الخطيب في حوارٍ فيه شبعا وكامل وفلسطين وسوريا والعراق وبشير وحزب الله ونعوت بالعمالة ومجلس الجنوب واتفاق القاهرة وفيه ما خرج منه في أكثر من محطة وتجربة عن كثيرين حاربوا تحت عناوين براقة فيها قليل من الصدق وكثير من الكذب.

 

هو رجلٌ طيّب. يدخل في شباط المقبل عامه الخامس والثمانين لكنه يستمرّ حاضراً ذهنياً جداً. هو ابن أحمد الخطيب، الرجل الذي ناضل ضمن رجال الثورة العربيّة ولعب كثيراً من الأدوار في لبنان وسوريا والأردن والجزيرة العربيّة، وسُجن مع شهداء السادس من أيار. اقتيد الى الإعدام مع شهداء ذاك التاريخ لكنه لم يُعدم لأن اسمه لم يكن مدرجاً آنذاك في القنصلية الفرنسية ويقول «والدي كان شاهداً على إعدام سبعة في ساحة المرجة في دمشق وكم شعر بالقهر لأنه لم يكن معهم». يروي منيف أحمد الخطيب عن نضال والده بفخر.

 

زوجته عائشة مراود تصرّ على تقديم الضيافة ويعاونها ويقول «سكنت دائما في شبعا. نحن أربع بنات وثلاثة صبيان. شقيقي الكبير كان عميداً في الجيش اللبناني وهو اليوم في كندا وشقيقي الأصغر كان مسؤولا عن وحدة الكيمياء في التعليم الثانوي وهو اليوم في فرنسا». أنجب منيف أربعة أولاد هم: أحمد ومهند وكامل ونسرين. ولديه ثمانية أحفاد. سمى أحد أنجاله كامل وهو اللصيق الوفي دائماً أبدا بكامل بك الأسعد.

 

لم يكن التعليم في صغره سهلاً في شبعا «لم تكن هناك مدارس عديدة. تعلمنا في البداية في مدرسة تعود الى وقف الروم ثم دخلت سنة الى مدرسة المقاصد ثم أكملت السرتيفيكا (الشهادة الإبتدائية) في بيروت». لاحقاً، نال إجازة في الجغرافيا وهو أستاذ الرياضيات والعلوم. أسس المدرسة الرسمية في شبعا ولم يكن فيها معلمون كفاية. كانت بلدته منذ البدء مهملة من الدولة اللبنانية علما أنها لعبت دائما دوراً في التاريخ منذ أيام الشهابيين والثورة العربيّة الكبرى «كان رياض الصلح يقول لوالدي أنا ملجئي شبعا. ويوم قرر أن يذهب الى الأردن قال له: لا تذهب. لكنه فعل وقتل في الأردن».

 

أربعينات العروبة

 

كان بيته وطنياً «في طفولتي كان يتردد إلينا وجهاء البلد. ويوم حرب فلسطين في العام 1948 أتى ابن عمتي ياسين مراود وطلب من أهالي شبعا الدخول في جيش الإنقاذ. كان عمري تسع سنوات. ومن يومها إكتشفت ماذا يحصل من صدق ومن كذب».

 

أسّس مدرسة رسميّة كانت، على ما قال، من انجح المدارس في لبنان لكن بعدد قليل من المعلمين «ويوم أتى كامل الأسعد وزيراً للتربية عام 1961 كان عدد المعلمين في لبنان نحو ألف بينهم 800 مسلم. وكان يعمل بقاعدة 6 و6 مكرر فقال الأسعد في مجلس الوزراء: لا يجوز إعتماد هذه القاعدة في الأكل والشرب والتنفس والتعليم، وإذا استمرينا في اعتمادها سيبقى ثلاثة ارباع الشعب اللبناني جاهلاً. كسر القاعدة لتعبئة الملاك التعليمي فارتفع عدد المعلمين في عام واحد (1961-1962) في الجنوب من 300 معلم الى 1300 معلم. وارتفع عدد المعلمين في مدرسة شبعا الرسمية من ستة الى 18 معلماً».

 

ويتذكر أنه في أحد أيام شهر نيسان من العام 1972 بينما كان مستلقياً على سريره اتى والده وقال له: قوم يا بيي لقلك. أنت كنت خادماً أميناً لشبعا وأنشأت مدرسة ناجحة. الآن إعتبر نفسك خادماً للبنان. ترشحتُ الى الإنتخابات النيابية ونجحت على لائحة كامل الأسعد».

 

من كامل الجد إلى الحفيد

 

هل نشأت يومها العلاقة مع بيت الأسعد؟ يجيب: «علاقتنا كانت دائماً قوية جداً مع والد كامل بك. حين أبعدوا الشريف فيصل عن دمشق ذهب والدي وكامل بك الأسعد، جدّ الرئيس كامل الأسعد، لوداعه في حوران. ومنذ ذاك الحين هناك علاقة بين العائلتين. بالإضافة الى علاقة وطيدة مع آل الزين وعسيران والخليل ويستطرد: «قابلت الأسعد أول مرة عام 1957 يوم ترشح الى الإنتخابات عن المقعد الشيعي في الجنوب في حين رشّح كميل شمعون ضدّه رضا التامر. شبعا صوتت لكامل الأسعد الذي كان خاسراً الى حين وصول صناديق شبعا التي أعطت كامل بك 1171 صوتاً وأعطت رضا التامر 31 صوتاً. ومنذ ذلك الحين صار الأسعد يردد: شبعا مبداية على الكلّ».

 

هل نفهم من ذلك أنه ردّ لكم الجميل في العام 1972؟ يجيب «ما أعرفه أنني وثقت دائماً أن مسسؤولية النائب في العمل السياسي مهمة جداً. كان كامل الأسعد يقول: هناك مؤامرة صهيونية تستهدف هذا الوطن وتبلغ آخر حلقاتها عندما لا يقوم المجلس النيابي بتأمين الإستحقاقات الدستورية في مواعيدها. ساعتئذ يكون لبنان قد دخل في مرحلة الإنتحار الذاتي».

 

يبدو أننا بلغنا مرحلة الإنتحار الذاتي. فما هو دور المجلس النيابي في قاموسه؟ يجيب: «ضرورة إنتخاب رئيس الجمهورية في الموعد الدستوري لأن عدم فعل ذلك خيانة عظمي. ووجود حكومة فيها معارضة وموالاة لا حكومة وحدة وطنية يتقاسم كل من فيها المغانم والحصص. وتصديق الموازنة في أوقاتها وعدم إنفاق أي مبلغ غير مذكور في الموازنة».

 

دخل إبن البيت النضالي السياسة اللبنانية نائباً، فماذا اكتشف فيها؟ يجيب: «إكتشفتً الكثير. ويعود الى الوراء متذكراً: أولى التجارب كانت يوم انتخاب الياس سركيس رئيساً. طلبنا تعديل الدستور لإجراء انتخابات مبكرة. حدث التعديل وتعرضنا الى ضغوطات جمة. حرقوا منزلي. وتهجر بعضنا وانتقلنا الى قصر منصور. وأتذكر انني أثناء انتقالي الى شبعا بعدها أوقفني حاجز جيش لبنان العربي وقال لي الضابط: أنتم خونة إنتخبتم الياس سركيس. قلت له: ومن تريد ان ننتخب؟ أجابني: ريمون إده. أدركت حينها أنهم لم يكونوا يعرفون ماذا يريدون وماذا يفعلون».

 

الإحتلالات

 

النعت بالخيانة هو دائماً الاسهل. ويقول: «العمل الفدائي وجد في لبنان ليس لتحرير فلسطين بل لخراب لبنان. فنحن إنتقلنا من الإحتلال الفلسطيني الى الإحتلال السوري الى الإحتلال الفارسي. والجميع على علاقة وثيقة بالمشروع الإسرائيلي، من أبو عمار الى حافظ الأسد الى إيران. هم يتهمون سواهم بالعمالة ويقولون عن أنفسهم أبطالاً يريدون تحرير فلسطين. وقلة تعي ذلك. فالإعلام يعيش في دنيا ثانية. كامل الاسعد كان واعياً لذلك ويوم انهارت الليرة وحزب الكتائب ايضا، سقطت الجمهورية ولم تعد الإنتخابات تحصل في مواعيدها».

 

منيف الخطيب طالب منذ أكثر من عام ونصف بقائد الجيش جوزف عون رئيساً. وطالب بانتخاب رئيس الجمهورية في الموعد الدستوري وطالب وطالب ويستمر في المطالبة… لكن، على من تقرأ مزاميرك يا داوود؟

هو يُشبّه إغتيال بشير بنسف المرفأ «فهذا ما يتكرر يوم يريدون نسف بلد ومشروع». ويقول: «كامل الأسعد قال لبشير بعد انتخابه: لا تخرج من منزلك إلا للصعود الى قصر بعبدا لكنه لم يفعل» ويستطرد: «في البداية كان هناك خلاف بين الرجلين، بين كامل وبشير، وفي إحدى الجلسات النيابية قصف بشير على قصر منصور. كما أرسل من يطلق النار على لقاء ضمّ كامل الأسعد في جبيل. لم يكن بشيرعميلاً بل هو تعاطى مع إسرائيل. بشير كان مارونياً متعصباً وكانت تعتبر إسرائيل أن وصوله مستحيل. وفي إحدى المرات قصد طارق حبشي كامل بك وقال له: يريد بشير رؤيتك وما تقوله يمشي. أجابه كامل: لا أريد أن يمشي ما أقوله بل ما يحتاج إليه لبنان. حدث لقاء بين الرجلين وفي نهايته قال كامل لبشير: توكل على الله».

 

 

عن بشير

 

ماذا أقنعه ببشير يومها؟يجيب «هو شاب يتمتع بصدقٍ ورجولة وبين يديه برنامج. إعتبر كامل حينها أن إنتخاب بشير هو إنقاذ للبنان». ويستطرد: في انتخاب الياس سركيس تعذبنا لكن يوم انتخاب بشير كان أكثر صعوبة. ارسلوا ورائي الى شبعا من هددني. لوحقت. وقبل ثلاثة أيام من موعد الإنتخاب أرادوا إغرائي بمبلغ خمسة ملايين دولار كي لا أشارك وأؤمن النصاب. كنت واثقاً حينها أن بشير هو مرشح المسيحيين. حاولت أن أقول لرافضيه حين تعترضون على ترشحه وانتخابه وكأنكم لا تريدون العلاقة المسيحية الإسلامية. قلت لهم: ضعوا شروطاً لكن لا تقولوا لا نريده ما دام المسيحيون هم من رشحوه. ليلة الإنتخاب أمضيتها في فندق البستان في بيت مري ودفع الأجرة عني شخص من عين إبل يدعى شارل خوري. كانت معركة نصاب وتأمنت. وحين فاز بشير اشتدّ حلم بناء الدولة لدى كامل الأسعد. تكلم حافظ الأسد قبل ذلك مع كامل الأسعد ودعاه الى دمشق فقال له: إذا لم يفز بشير في 23 آب نتكلم. وإذا فاز سأصعد معه في اليوم التالي بعد أن يقسم اليمين، فنحن لا نريد العداء مع سوريا بل نريد بناء وطن».

 

في الطائف، تمثل كامل الأسعد وحزبه الديموقراطي الإشتراكي بمنيف الخطيب وأنور الصباح وحميد دكروب. كان الخطيب نائب رئيس الحزب الذي انتهى تدريجياً بعد وفاة الرئيس. ويقول الخطيب: «كان المسيحيون يجتمعون مع جورج سعادة والمسلمون مع عبد الحليم خدام. كان سعادة يتواصل مع البطريرك مار نصرالله بطرس صفير. كان جورج صديقاً لي. ونحن، في الحزب الديموقراطي الإشتراكي، كنا ضدّ إبقاء النظام الطائفي. وذات يوم، كنا نتمشى أنا وأنور الصباح إلتقينا بحسين الحسيني وصبحي ياغي. كانت المرة الأولى التي ألقي بها التحية على الحسيني منذ انتخابه رئيس المجلس النيابي. قال له أنور: دولة الرئيس نريد أن نتكلم حين تصلون الى بند التحرير. وفي اليوم التالي، ألقيتُ بنفسي كلمة في الموضوع قلت فيها: لا وطن من دون حلّ لمنطقة الجنوب. لاحقاً، إتصلوا بي من مكتب الملك سعود الفيصل. إلتقيت به – ورافقني نزيه البزري- وكان حاضراً عبد اللطيف الفلالي والأخضر الإبراهيمي وسيد أحمد الغزالي. قلت في الإجتماع: أولاً، نريد أن يدخل الصليب الأحمر الدولي الى سجن الخيام. ثانياً، أننا مع قضية الفلسطينيين العادلة لكننا لسنا مع ما فعله الفدائيون في لبنان. ثالثاً، أنتم مكلفون حلّ مشكلة لبنان من الدول الكبرى فماذا لديكم من وعود بالنسبة للإحتلال الإسرائيلي للجنوب. وتمنيت أن تستبدل الدول العربية الكراتين الغذائية ببناء المؤسسات. في اليوم التالي، تكلم الفلالي في موضوع دخول الصليب الأحمر الدولي الى الخيام لكن أتت مجموعة إسلامية وخطفت أجنبيين في صيدا كانا يفترض أن يشاركا في ذلك. هكذا يحصل دائماً، يظهر من ينفذ عمليات مرسومة سلفاً ويقال عنهم عملاء.

 

الطائف

 

ولد إتفاق الطائف. جيئ بنبيه بري- بعد حسين الحسيني- رئيساً للمجلس النيابي. ويقول الخطيب: «أتذكر أنه وصل في حينه شخص من الشام الى باريس، حيث كان كامل الأسعد، وطلب منه المشاركة في الإنتخابات بعد زيارة دمشق فأجابه: أذهب الى لبنان أشارك في الإنتخابات ثم أعود الى الشام. هكذا كان كامل الأسعد يبدي لبنان على أي شيء آخر».

 

وفاء منيف الخطيب واضح للرجل الذي رافقه طويلاً. نسأله عن أسماء تبوأت سدة السلطة بعد الطائف فيجيب: «لا أحد يأتي بالصدفة».

 

في تسعينات القرن الماضي برز صراع في البيئية الشيعية بين إيران ونظام الاسد. نبيه بري كان «أسديا». في منتصف التسعينات نُقل الى كامل الأسعد نوايا حزب الله بالتعامل معه فطلب من منيف الخطيب الإجتماع مع الحزب ويقول الخطيب «إجتمعت في منزل سعدون حمادة – وهو ما زال حياً يرزق- مع نواف الموسوي وطال اللقاء من الساعة الواحدة حتى السادسة مساء. إتفقنا حينها على جملة امور. وحدث لقاء آخر لاحقاً مع السيد حسن نصرالله. أراد كامل الاسعد من خلال تقربه من حزبه الله لبننته». يقول منيف الخطيب أشياء ويتحفظ عن ذكر أشياء.

 

يتكلم نائب حاصبيا مرجعيون سابقا عن أشخاص «أملنا بهم خيراً لكن سرعان ما ظهر فشلهم. هناك أشخاص كانوا يهاجمون سوريا علناً ويفتحون خطوطاً بالجملة عليها».

 

شبعا أولاً

شبعا ومزارعها. بلدة منيف الخطيب ومداه الروحي، عاد في الفترة الأخيرة الكلام في موضوع لبنانية أو سورية المزارع. يجيب بحسمٍ: هي لبنانية. كتبت عنها كتابين: «شبعا حقائق ووثائق» و»شبعا نافذة على التاريخ». ويبدأ في إسترجاع الخرائط والأحداث التاريخية والمفاصل التي أحاطت بالموضوع ويقول: «بعد قيام الحرب العالمية الأولى والإتفاق على تقسيم دول الشام، واتفاقية سايكس بيكو، حصل إتفاق ترسيم الحدود كما حددتها الدولتان المنتدبتان فرنسا وبريطانيا. وتبدأ من النقطة صفر في الناقورة وتنتهي عند النقطة 39 جنب منطقة بانياس السورية. ويومها احتجت الوكالة اليهودية على النقطتين بين 37 و39 اللتين تشملان منطقة شبعا عند نقطة الحولي وتتجه صوب جبل الشيخ. بعد الحرب العالمية الثانية قام الإنكليز بتصوير جوي للحدود المشمولة بالتخطيط غير أن جميعها كانت واضحة إلا من جبل الشيخ الى الحولي».

 

 

صدفة؟ لا صدف في الحياة. نتابع مع منيف الخطيب وهو يتحدث عن مزارع شبعا الاربع عشرة: «يملك أهلها صكوكاً لبنانية، ويوم حدثت جريمة في المزارع في العام 1954 إنتقل المستنطق أديب شعيب من صيدا الى المزارع. نام ثلاثة أيام فوق وحقّق في الحادثة، كما ان نواطير محكمة القنيطرة لم يكونوا يحاكمون من يقبضون عليهم بل يرسلونهم الى محكمة حاصبيا». ويتابع: «حددت الدولة الفرنسية الحدود عام 1932… نقاطعه بسؤال: كل تلك الخرائط واستمرّت قضية المزارع مبهمة الى هذا الحدّ، واستمرّ إصرار سوريا على عدم توثيق حقّ لبنان فيها… فما السبب؟ يجيب: «أربعة أطراف تستخدم مزارع شبعا لاهدافها: إسرائيل تريدها من ضمن مخططها الإستراتيجي وعقيدتها الدينية. أما إيران فتريد الإبقاء عليها محتلة لتُبرّر وجود السلاح. وحزب الله يريدها ليعلن عن أراض محتلة يريد تحريرها. أما بشار الأسد فيريد أن يبقى مرتبطا بالملف من خلال عدم إعلان أنها غير سورية. الى ذلك، من مصلحة إسرائيل وأميركا الإبقاء عليها حيث أكبر مركز للتجسس في جبل الشيخ يرون منه قبرص وحدود العراق والجزيرة». ثمة حادثة في الموضوع يتذكرها منيف الخطيب جيداً: «أعرف عبد الحليم خدام جيداً وذات يوم سألته عن مزارع شبعا. قلت له هي لبنانية فلماذا لا تعطوننا إفادة تثبت ذلك فبدأ «يلف ويدور». تكلمت مع غازي كنعان فقال لي: La Raison d’état ( مصلحة الدولة) فأجبته: الأصح هي La Raison du regime (إنها مصلحة النظام).

 

أنشئ مجلس الجنوب لمصلحة أهالي شبعا. «شكّل يوم اتفاق القاهرة لمنح تعويضات سنوية الى أهالي شبعا والمزارع وعادوا وأعطوه الى الرئيس نبيه بري». ويتذكر: «في شباط عام 1973 أتت غولدا مائير الى شبعا فطار عقلي. ذهبت الى الجلسة البرلمانية وطلبت تحويلها للبحث في الزيارة. قال بطرس حرب: هذه الجلسة للبحث في قانون الإيجارات ومضى اكثر من عشرين عاماً ونحن ننتظرها. أجبته: نحتاج ان يبقى لنا وطن ليبقى قانون إيجار. طالبت يومها بإلغاء إتفاق القاهرة وقلت: هذا الإتفاق لن يحرر فلسطين بل سيضيف جنوب لبنان الى فلسطين. كثيرون قوصوا عليّ في حينه واتهموني بالعمالة. لكن، في العام 1986، بعد أكثر من عشر سنوات عادوا وألغوا الإتفاق».

 

يقرأ منيف الخطيب كثيراً. الكتب التاريخية تستهويه. لا يستمع كثيراً الى الموسيقى. وأصدقاؤه أصبحوا قليلين «هو العمر يمضي بسرعة». وهو يصعد أسبوعياً تقريباً الى شبعا. هي البلدة التي أحبّ. وينهي بالقول: «هناك من يتحدثون عن ترسيم الحدود أقول لهم الحدود لا تحتاج الى ترسيم بل الى تثبيت». وينهي بالقول: فليتذكر الجميع أن لا شيء يحمي لبنان إلا مؤسسة الجيش والقانون والإلتزام بالمواقيت الدستورية وإلا «يكون لبنان ينحر نفسه».