رد فعل التيار الوطني الحر على قرار وزير الدفاع سمير مقبل تأجيل تسريح اللواء محمد خير سنة كاملة، تمثّل باعلان القناة البرتقالية يوم التوقيع وهو العشرين من آب، يوم حداد وطني، وبالطبع، حداد دون تعطيل رسمي أو تنكيس أعلام.
لكن بعض الأطراف الداعمة لهذا القرار كانت تتحسّب، لأكثر من هذا الاحتجاج اللفظي المجرد من الفعل، وقد أسرت بذلك الى من يعنيهم الأمر، فجاءها الجواب، انتظروا لتروا…
وواضح ان هذه الدعوة للانتظار، متصلة بأواخر الشهر المقبل، حيث موعد التمديد للعماد جان قهوجي، وهنا بيت القصيد في ملحمة التيار، الذي يعتبر أن استمرار وجود العماد قهوجي في قيادة الجيش سنة اضافية، يعني سحب هذه السنة من رصيد احتمالات العماد عون المتضائلة في امكانية الوصول الى بعبدا.
وزير الدفاع سمير مقبل الذي يتعرّض لرشق الاتهامات من منصّات اعلام التيار الحر، حمّل مسؤولية القرارات التمديدية للقادة العسكريين، لمن قاطعوا ويقاطعون جلسات انتخاب الرئيس، دون أن يسمّيهم، لكن المعنى في قلب الشاعر، كما تقول الأمثال…
وترى أوساط ١٤ آذار ان التمديد للعماد قهوجي، أصبح واقعاً لا مفر منه، وهو يستمد حتميته، من عجز البرلمان عن انتخاب رئيس الجمهورية ومن عجز الحكومة عن تعيين بدائل، فضلاً عن موجبات الظروف العامة، حيث ليس من التقاليد تغيير قادة الجيش في زمن المعارك أو على أبوابها، وتضيف الأوساط الى هذا ما تصفه بمحاولة التيار الحر احتكار الحق بتسمية من يشاء من الشخصيات المسيحية سياسية وعسكرية لمواقع المسؤولية، بمعزل عن مبدأ الأقدمية والكفاءة والقدرة على ضبط الايقاع الوطني للمؤسسة، خصوصاً المؤسسة العسكرية والأمنية، بعيداً عن المحسوبية السياسية والمذهبية.
واستبعدت الأوساط أكثر من الحداد يوماً آخر أو اثنين، في أبعد تقدير، عند اضطرار وزير الدفاع لتمديد خدمة العماد قهوجي الشهر المقبل، تبعاً للفشل المنتظر لعملية التعيين التقليدية في مجلس الوزراء، وردّت استنتاجها هذا الى جملة معطيات، أبرزها، عدم اعتراض حزب الله، حليف التيار الأساسي على التمديد للقائد، وموافقة حليفه المرحلي، القوات اللبنانية على هذا الاجراء، واذا أضفنا موافقات التيار على التمديدات السابقة، تصبح توقعات الأوساط في محلها الصحيح.
واضافة على مضاف، تطرح الأوساط تلويح وزراء التيار بالانكفاء، أو الاستقالة، هنا يمكن العودة الى كلام الرئيس بري الحازم أمس: لا يهددنا أحد ولا يتوعدنا أحد، ولا أحد يستقيل من هذه الحكومة…
عملياً لم يتحدث أحد عن الاستقالة بصراحة ووضوح، حتى من وزراء التيار بالذات، وتفسير ذلك لدى هذه الأوساط ان مثل هذا التهويل حصل عند التمديد لمجلس النواب أولاً وثانياً، ولم يعتكف أو يستقبل أحد، وتكرر عند التمديد لقادة الجيش، ومرّت العاصفة الاعلامية والشعبوية بسلام، والسبب واضح وهو ان من يخرج من اللعبة يفقد دوره وحصته في الكعكة، أكان في مجلس النواب أو في الحكومة، والكل مستفيد من وجوده في البرلمان وفي الحكومة، مستفيد سياسياً ومشاريعياً، وفي الأمثال: مهما كانت المياه ملوثة فإنها تطفئ النار…
وفي تقدير مصدر نيابي ان التحولات الاقليمية المستجدة انطلاقاً من الموقف التركي حيال الوضع في سوريا لا بد من انعكاسها على صفحة مياه الأزمة اللبنانية، الدستورية والسياسية، وان الاستدارة التركية نحو تقبّل بقاء الأسد في الفترة الانتقالية المتوقعة، توحي بأن العلاقات التركية الروسية بدأت تتظهر في الميدان، واذا أعطفنا عليها الزيارات التركية الايرانية المتبادلة، نصبح أمام محور جديد يتبلور، ما يلزم اللبنانيين على اختلاف اتجاهاتهم وانتماءاتهم العودة الى رصيف الانتظار ريثما يبان الخيط الاقليمي الأبيض من الخيط الأسود.
وقد يكثر في فترة الانتظار باعة الأحلام وهم كثر في الأساس، ومثلهم الشراة، الذين يشترون الأحلام بعيون مغلقة، وهنا أصل العلّة اللبنانية وبيت الداء.