Site icon IMLebanon

تحريك الركود

لا يختلف إثنان من اللبنانيين على أن عودة زعيم تيّار المستقبل سعد الحريري إلى بيروت من شأنها أن تحرك الركود في الحركة السياسية بصورة عامة، وفي الاستحقاق الرئاسي الذي يطوي يوم غد الأربعاء جلسته الخامسة والأربعين من دون أية مفاجأة غير محسوبة بالرغم من إصرار التيار الوطني الحر على ضخ جرعات قوية من الأمل بإحداث نقلة نوعية على هذا المسار تضفي إلى وصول عون إلى قصر بعبدا بتوافق سياسي ووطني عام، عماده رئيس التيار الأزرق، إلا أن الرياح لا تسير كما تشتهي سفينة التيار البرتقالي ذلك أن عودة الرئيس الحريري إلى بيروت سبقها موقف لكتلته النيابية يُؤكّد استمرار التيار في دعم وتأييد ترشيح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، ولا يوجد لديه في الوقت الراهن أي خيار آخر، وهذا الموقف من شأنه أن يبدد كل الشائعات التي وزعها التيار البرتقالي عن أن عودة الحريري إلى العاصمة قبل موعد الجلسة الخامسة والأربعين لانتخاب رئيس جمهورية، تحمل معها بشائر التحوّل عن ترشيح سليمان فرنجية إلى تبني العماد ميشال عون كمرشح إجماع لرئاسة الجمهورية، لأن لا بديل عنه في ظل اصرار حزب الله على ترشيحه وإلا بقيت البلاد من دون رئيس، الأمر الذي لا يريده رئيس التيار الأزرق، وهو على استعداد لتقديم مزيد من التنازلات، خصوصاً بعد تبنيه ترشيح أحد أبرز صقور 8 آذار وأحد أبرز المقربين من رئيس النظام السوري بشار الأسد لرئاسة الجمهورية.

ورغم الموقف الواضح لكتلة المستقبل النيابية من هذا الأمر ظل التيار البرتقالي يلوح بيده بإمكان صدور إعلان من الحريري بالقبول بعون رئيساً توافقياً ويلوح باليد الثانية بالتصعيد والنزول إلى الشارع في حال لم يحصل مثل هذا التحوّل مستغلاً نقطة الضعف عند الرئيس الحريري بالنسبة إلى ملء الشغور في رئاسة الجمهورية وحشر حزب الله الذي ما زالت الشكوك رغم تصريحات نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم العنترية والتي أراد من ورائها ليس تقريب المسافة الرئاسية من العماد عون، بل ابعادها إلى حدود انعدام كل الحظوظ الممكن ان تتوافر له في حال عدل من سلوكه السياسي وارتباطه الوجودي على حدّ تعبيره بحزب الله.

صحيح ان الرئيس الحريري لا يقفل البال على أي من الخيارات المتاحة أمام اللبنانيين لكي يبعدوا شبح الخوف على الدولة ومصيرها وسوف يقوم بسلسلة اتصالات مع القيادات السياسية، بدأت بزيارة الرئيس نبيه برّي الذي ما زال يراهن على السلة الواحدة، أي على اتفاق كامل يشمل الرئاسات الثلاث وقانون الانتخاب، لكن الصحيح أيضاً ان هدفه من كل هذا هو تحريك الركود في مستنقع الاستحقاق ومحاولة كسر حلقة المراوحة التي يدور فيها ذلك ان استمرار الشغور بات يُهدّد وجود لبنان وصيغته، ولا بدّ من خطوة إنقاذية فيما الإقليم يغلي وينذر بمفاجآت غير محسوبة لا سيما بعد فشل الاتفاق الأميركي – الروسي، وتلويح روسيا بعد انتقادات أغلب أعضاء مجلس الأمن الدولي لممارستها الوحشية ضد الشعب السوري، بتقسيم عاصمة الأمويين إلى دولتين أو إلى عدّة دول.