أفواج المقاومة اللبنانية «أمل» يتقدمها دولة الرئيس نبيه بري، الذي كان ولا يزال، يشكل نقطة تلاقٍ بين الفرقاء السياسيين كافة.
صاحب المبادرة الأولى لإطلاق «طاولة الحوار الوطني» في المجلس النيابي. هو، المتمرس في الحياة السياسية اللبنانية، والذي يعمل على تدوير الزوايا من اجل تلافي الفتنة، وايجاد المخارج المناسبة للأزمات السياسية المتجددة.
يقف وراء إصدار كتاب «أسرار من حرب تموز»، الذي تم نشره باسم معالي الوزير علي حسن خليل. هذا الكتاب الذي يبرئ الرئيس فؤاد السنيورة من الاتهام الموجه اليه، من قبل قيادة حزب الله، بالتواطؤ مع العدو الصهيوني خلال عدوان تموز عام 2006.
هذا الاتهام لدولة الرئيس فؤاد السنيورة، بُنيَ عليه استقالة الوزراء الشيعة من الحكومة في حينه، حتى لا تتم الموافقة على إنشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، والمتعلقة بجريمة اغتيال دولة الرئيس رفيق الحريري.
وقد بُني على هذا الاتهام أيضاً، حصار السرايا الحكومية مدة عام ونيف، والذي أدّى الى ما أدّى اليه من تشنج مذهبي كان من نتيجته «غزوة بيروت» في 7 أيار عام 2008، حيث تم قتل مئة مواطن لبناني أبرياء مسالمين، ما رفع منسوب التوتر المذهبي بشكل حاد.
هذا الاتهام الذي أطلق في مهرجان «النصر الإلهي» في شهر أيلول 2006، كان قد سبقه توجيه شكر من قبل قيادة حزب الله للحكومة على الجهد السياسي والدبلوماسي في الأسبوعيين الأخيرين من العدوان. هذه الحكومة التي كان دولة الرئيس نبيه بري قد وصفها بحكومة المقاومة السياسية بعد أسبوعيين من نهاية العدوان.
إلا أنه، بين شكر قيادة حزب الله للحكومة واتهامها بالتواطؤ مع العدو الصهيوني، كان خطاب الرئيس بشار الأسد، من على مدرج جامعة دمشق في أواخر آب 2006، دعا فيه لتجيير النصر على إسرائيل، على صعيد السياسة اللبنانية الداخلية.
وبهذا، يكون الاتهام الملفق المذكور، هو إعلان عن مشروع هيمنة حزب الله ومن وراءه، على الدولة اللبنانية وإن بقوة السلاح، ان في داخل الطائفة الشيعية الكريمة او بالعلاقة مع القوى السياسية اللبنانية الأخرى وخاصة تيار المستقبل بما ومن يمثل داخل الطائفة السنية الكريمة وعلى الصعيد الوطني بشكل عام.
وتتالت الخطوات السياسية لحزب الله في «مشروع الهيمنة على لبنان». فكانت خطوة إسقاط حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الرئيس سعد الحريري، والتي كان قد تم تشكيلها، على أثر اتفاق الدوحة، بعد غزوة بيروت.
ومن ثمّ، كانت مقولة «الأكثرية الوهمية والأكثرية الفعلية»، التي خلقت وعياً مزيفاً عند جمهور الطائفة الشيعية الكريمة بأنها الطائفة الأكثر عدداً وبأنها الطائفة الأقوى عسكريا بفعل سلاح حزب الله ما أوحى للفرد الشيعي، بشكل عام، أنه «سوبرمان» زمانه.
فصوته هو الأعلى وقوته هي الأمضى ومبتغاه لا نزاع فيه ولا مجال للحوار بشأنه. إرادته قدر ورغبته قضاء.
تقول له ان لبنان لكل أبنائه وما من جماعة بإمكانها أن تلغي جماعة أخرى، فيجيبك بأن كسروان كانت للأمس القريب منطقة شيعية. وها هو كتاب «تاريخ عائلات بعلبك» يثبت ذلك.
تقول له ان الصراع على الخلافة في الإسلام قضية من الماضي فيجيبك بان التشّيع الى ازدياد في العالم العربي.
تقول له ان لا حل إلا بالدولة ومرجعية الدولة فيجيبك : أي دولة؟ فالدولة يجب ان تُفصّل على قياس المقاومة التي حررت الأرض وهي التي تحمي لبنان. فمن يُحرّر يحكم، هكذا قال شارل ديغول بعد الحرب العالمية الثانية وهكذا حكمت المقاومة في فرنسا واستُبعد الخونة من أمثال بيتان (Pétain) وأتباعه. وكل حكومة تُشكّل في لبنان يجب ان تكون موضع ثقة من المقاومة وحزب المقاومة.
تقول له ان لبنان بلد عربي فيجيبك بان العراق (عراق المالكي) وسوريا (سوريا الأسد) أصبحا تحت النفوذ الايراني، ولبنان كذلك.
تقول له ان تدخل «حزب الله» في سوريا يوّرط لبنان فيجيبك من حق حزب الله ان يدافع عن محور المقاومة وإن على حساب السيادة اللبنانية، وعلى الرغم من البيان الوزاري الذي يتبنّى سياسة النأي بالنفس عن الأحداث في سوريا.
تقول له ان سياسة الرئيس الايراني حسن روحاني هي سياسة دولة لا سياسة تصدير الثورة كما كانت سياسة ايران في فترة حكم الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، فيجيبك ان مرشد الثورة الإسلامية السيد علي خامنئي هو المرجع الأعلى ولا تغيير يُذكر في السياسة الايرانية.
تقول له ان الطائرات الأميركية تقصف في العراق وسوريا فيجيبك بان ايران هي من يحدد توازنات المنطقة السياسية.
تقول له ان بشار الأسد الى نهاية قريبة وان سوريا الجديدة لن تكون صديقة لحزب الله، ان لم تكن معادية له فيجيبك «ان حزب الله هم الغالبون» وان عودة الإمام المهدي أضحت قريبة !!!
تقول له ان الصراع على فلسطين هو صراع على أراض محتلة وسيطرة سياسية وان الفلسطينيين هم الأدرى بشؤونهم فيجيبك بان الصراع على فلسطين هو صراع ديني وان اسرائيل يجب ان تزول من الوجود حتى لو كان العالم كله معها.
تقول له ان الديمقراطية هي الطريق الأقصر الى التقدم الاجتماعي والازدهار الاقتصادي فيجيبك بان الغرب هو غرب استعماري وان الديمقراطية هي انتاج غربي لا علاقة لنا بها.
تقول له ان التشيع لا معنى له إلا في فضاء الفقه الإسلامي (السني) فيقول لك ان أئمة الفقه السني الأربعة هم تلامذة الإمام جعفر الصادق وهذا وعي مغلوط أيضاً. فالإمام جعفر الصادق كان صغير السن يوم كان الأئمة الأربعة، الشافعي وأبو حنيفة والمالكي والحنبلي، ينتجون ثقافة ومعرفة في الفقه الإسلامي.
فهل حان موعد جمهور حزب الله مع التفكير؟ والتفكير ملياً؟ وهل سيتبين «الغي من الرشد»؟ وهل سيسمع هذا الجمهور صوت الرئيس نبيه بري الدافئ والحاضن لكل المكونات المجتمعية اللبنانية ولكل قواها السياسية؟