ما يجري ضمن حركة الموفدين الغربيين الى المنطقة، يؤكد بأن السباق قائم بقوة بين الديبلوماسية والحرب، وتبدو الصورة لغاية اليوم مناصفة بين الايجابية والسلبية نوعاً ما، لانّ توقيت التحرّك لم يعد ينفع بالتزامن مع عمليات الرد على الاغتيالات، التي طالت قياديين من حركة حماس وحزب الله، لذا لا يبدو المشهد ايجابياً قبل إستكمال الرد في التوقيت والزمان المناسبين، الامر الذي لم يساعد كبير المستشارين الاميركييين آموس هوكشتاين، على تنفيذ مهمته الصعبة في بيروت والتي بدت باهتة وإقتصرت على جملة مواقف كرّرها مراراً، من دون ان يحمل اي مبادرة ، اذ أتى وفي الجعبة أفكار ورسائل للاتجاه نحو العملية السلمية ووقف المعارك والاشتباكات الحدودية، وفق مقولة كرّرها الموفد الاميركي مراراً “بأنّ الطرفين يرغبان بالحل الديبلوماسي”، وذلك بهدف تشجيعهما وإنجاح المهمة الشاقة التي تقع على عاتقه، وسط إنفتاح قنوات التفاوض أيضاً على خط ايران- قطر- لبنان، لكن ولغاية اليوم لا شيء محسوماً من ناحية إنتهاء الحرب، لانّ الصورة ستتبلور في الاسبوعين المقبلين وفق المعلومات، التي أشارت الى إمكانية ظهور آلية او صيغة للحل والتسوية، التي ستريح الفريقين اي ضمن معادلة لا غالب ولا مغلوب.
الى ذلك تنقل مصادر سياسية مواكبة لما يجري، من تطورات عسكرية على الحدود الجنوبية، بأنّ كل التهديدات التي تطلقها اسرائيل بشكل يومي ضد لبنان، خصوصاً مقولة” إعادته الى العصر الحجري” ليست سوى كلام لا يقدّم ولا يؤخر، اذ في الامس الاول وحين قصفت المقاومة رشقات صاروخية على مستوطنة كريات شمونة، وأصابت منشآت الكهرباء هناك ما ادى الى إنقطاع الكهرباء وسيطرة العتمة التي هدّد بها الاسرائيليون لبنان واللبنانيين، عاشوها في الامس، حتى انّ رئيس لجنة مستوطنة “مرغليوت” قال تعليقاً على العتمة التي سادت بعض المستوطنات:” إسرائيل هدّدت بإعادة لبنان الى العصر الحجري، لكن مستوطناتها باتت في النهاية من دون كهرباء، وهي التي عادت الى العصر الحجري”.
ورأت المصادر المذكورة بأنّ الاسرائيليين يتوقون الى إبعاد الحرب عنهم، لانّ الامور لديهم خرجت عن السيطرة، وهنالك غضب شعبي على المسؤولين، وخصوصاً بنيامين نتنياهو الذي ورّطهم بالحرب وتداعياتها، لانهم لم يستطيعوا تحقيق اي هدف، او إعادة الصورة التي كانوا يتبجّحون بها كجيش لا يقهر، فيما المشهد كان معاكساً كليّاً بعد عملية طوفان الاقصى في 7 تشرين الاول الماضي.
وأشارت الى انّ الولايات المتحدة لا تريد إتساع رقعة الحرب، وتغيير قواعد الاشتباك على الحدود الجنوبية، مخافة تطورها وتفاقم تداعياتها على المنطقة، لذا ستستمر بالضغوط على اسرائيل للانتقال الى مرحلة جديدة بعيدة عن المواجهة، اي الحل الديبلوماسي والتوافق حول النقاط العالقة على الحدود بين لبنان واسرائيل.
ولفتت المصادر عينها الى أن واشنطن تعتبر أن المشكلة في هذه الجبهة، ممكن معالجتها ديبلوماسياً، أي من خلال الذهاب إلى إتّفاق بين الجانبين الإسرائيلي واللبناني وذكّرت بحديث وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن، خلال جولته الاخيرة في المنطقة، اذ قال:” أنّ اسرائيل طلبت مساعدة واشنطن للوصول الى تسوية مع لبنان، للحد من المواجهة المفتوحة على الحدود، خصوصاً خلال الفترة الاخيرة التي تعرضت خلالها المستوطنات الشمالية لقصف كثيف من المقاومة، رداً على عمليات الاغتيال وإستهداف المدنيين في القرى الجنوبية.
وعن الصورة العسكرية في المرحلة القريبة وإمكانية توسّعها الى مناطق لبنانية اخرى، ختمت المصادر “بأنّ اللقاءات التي جرت بين المسؤولين اللبناينين والموفد الاميركي هوكشتاين أنتجت إستبعاداً لضربة عسكرية متبادلة، بين المقاومة والعدو الاسرائيلي، كما انّ الاتصالات جارية بقوة بين لبنان وبعض الدول الفاعلة منعاً لوقوع الحرب الكبرى، لذا ستبقى قواعد الاشتباك على حالها، وإن بوتيرة أعلى بعض الشيء، لكن ليس هنالك من حرب مفتوحة ستسود المنطقة كما يعمل البعض على الترويج لها، لانّ الدول الاقليمية لن تسمح بذلك أيضاً، والامور متجهة نحو تسوية يجري التباحث فيها، لذا فلننتظر نهاية الشهر الجاري الذي قد ينبثق ضمنه وقف المعارك اولاً، ومن ثم التهدئة مع ضمانات، لانّ الضغوط الاميركية ستكون فاعلة خصوصاً انها تقدّم كل التمويل لإسرائيل.