تحركت قناة الاتصال بين النائب سليمان فرنجيه ومصادر مقربة جدا من الرئيس سعد الحريري ترجح المعلومات أن تكون النائب السابق غطاس خوري، من أجل التوضيح أن ما نقل عن فرنجيه اعلاميا في اليومين الاخيرين، لم يكن بعضه دقيقا لجهة ما جرى الاتفاق عليه بين الجانبين، وذلك في سعي من الزعيم الزغرتاوي الى تبديد هذه الانطباعات غير المريحة. وقد ساهم اتصال التوضيح في تأكيد التزام ما كشفه فرنجيه سابقا عن الاتفاق الذي تم بينه وبين الحريري. وفيما أفادت مصادر “تيار المستقبل” ان الرئيس الحريري لن يعلق على ما جاء في ما نقل اعلاميا عن فرنجيه، وقد تبلغ ان الكثير من وجهات النظر الشخصية قد يكون طغى على ما سمعه الاعلاميون من رئيس “تيار المردة”، فإن ما أعلنه الاخير في مقابلته الاولى بعد ترشحه عبر “المؤسسة اللبنانية للارسال” يبقى هو المعبّر عن حقيقة ما اتفق عليه بين التيارين، وليس أي أمر آخر، وهو الموقف الجدي لفرنجيه وفق ما أكدت المصادر في “المستقبل”، وهذا ما يستمر الحريري في أخذه في الاعتبار واعتماده، ما لم يطرأ ما يساهم في تبديله. وكان فرنجيه تحدث في السابق على نحو مباشر، محددا كل النقاط وموضحا حيثيات الاتفاق الذي عقده مع الرئيس الحريري من أجل دعم ترشيحه، في حين أن موقفه الاخير لم يكن حديثا مباشرا وصريحا له، بل كان كلاما منقولا عنه يسهل تأويله، وتاليا دحض بعض النقاط، إن لم يكن توضيحها. في أي حال، فإن فرنجيه كان تحدث في اطلالته المباشرة عن اتفاق يتضمن دعم ترشيحه لرئاسة الجمهورية، في مقابل اتفاق على حكومة وحدة وطنية من البديهي أن يكون رئيسها من قوى 14 آذار، من دون أن يطلب الحريري ان يكون هو رئيسا للحكومة العتيدة، باعتبار أن ليس رئيس الجمهورية من يأتي برئيس الحكومة، بل هي الكتل النيابية، ولا كتلة فرنجيه متى أصبح رئيسا يمكن ان تكون وازنة أو حاسمة في هذا الاتجاه، وإن يكن مسلما به ان تدعم قوى 14 آذار الحريري لرئاسة الحكومة. وتضمن الاتفاق، كما كشف فرنجيه، ألا يكون هناك تعطيل ولا ثلث معطل استنادا الى وجوب عدم تكرار التجارب السابقة من استقالة او تعطيل للحكومة، وتاليا لآلية اتخاذ القرارات، على أن تحل كل الامور بالتفاهم، فيما تكشف مصادر “المستقبل” انه لم يتم الحديث عن الثلث المعطل لكون رئيس الجمهورية سيكون من قوى 8 آذار، أي أنه في حال انتخاب فرنجيه، يستطيع أن يعطل أو يوقف ما يريده من دون حاجة حلفائه الى ذلك، وهو ما دفع الحريري الى عدم التلهي بمسائل جانبية. في حين أن قانون الانتخاب كما قال فرنجيه هو أمام لجنة نيابية يمكن أن تبلور اتفاقا على قانون جديد يمكن اعتماده او يتم العمل بالقانون السابق، الى جانب كل المسائل التي تحدث عنها فرنجيه تلفزيونيا.
في حمأة الصراع على موقع الرئاسة الاولى وعلى السلطة، يرتكب السياسيون أخطاء في بعض المواقف قد تودي في لحظة ما بحظوظهم. وكان ما نقل عن فرنجيه ترك انطباعات غير إيجابية لمصلحته، من باب تقويمه ما اتفق عليه والحريري، وبدا، سواء شاء أو لم يشأ، مستهدفا إضعاف هذا الاخير على نحو أثار التساؤل عن السبب في الاوساط السياسية، في حين يحتاج فرنجيه الى دعم الحريري للبقاء على ترشيحه قائما وقويا، كما انه يراهن على بقاء هذا الدعم في وجه استمرار ترشيح الجنرال ميشال عون نفسه للرئاسة. بعض هذه الاوساط اعتبر ان فرنجيه بات يخوض معركة شرسة في وجه العرقلة التي اعترضت دعم ترشيحه، خصوصا تلك التي برزت من جانب العماد عون فيما هو يسعى الى تحسين ظروف هذا الترشيح مع “حزب الله”، وخصوصا ان الرئاسة باتت اقرب ما تكون الى الواقع، وجرى احباط ذلك. فالمحاولة التي اقدم عليها الرئيس الحريري بدعم ترشيح فرنجيه تم الالتفاف عليها من خلال اعلان معراب الذي رشح فيه رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع خصمه التاريخي العماد عون، مما أعاد كل الامور في ما خص موضوع الرئاسة الى الحلقة المفرغة، بعدما تبين انه لا يمكن انتخاب رئيس جديد للجمهورية بهذه الطريقة. ويبدو ان الخشية من استمرار الفراغ قادت الحريري اصلا الى خيار دعم ترشيح فرنجيه، في ظل موقف متناقض جدا مع حليفه رئيس حزب “القوات اللبنانية”، الذي كما قال هو نفسه لم يكن محبذا او موافقا على نظرية الحريري من الفراغ القاتل وضرورة انهائه بأي ثمن، مفضلا التريث وانتظار ظروف أفضل عادت فتحققت. فقد طار انتخاب رئيس جديد كان يبدو بحكم المحقق، في غياب إمكان انتخاب بديل، انطلاقا من أن الموقف الذي أعلنه الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله فهم منه بوضوح أن الحزب لن ينزل الى جلسة انتخاب الرئيس في حال لم يكن ذلك لانتخاب عون، ما لم تحصل اعجوبة تقنع الاخير باستحالة انتخابه وضرورة الاقتناع بالمساهمة في انتخاب رئيس جديد، علما انه ليس واضحا بالنسبة الى البعض اذا كان الحزب لن ينزل الى البرلمان الان او الى أمد غير منظور.