تجتمع اليوم لجنة الاعلام والاتصالات النيابية في ساحة النجمة، وعلى جدول أعمالها متابعة درس مسودة مشروع قانون جديد للاعلام. ولا ضرورة للسؤال عن صاحب المشروع بعدما قدمت اوراق عدة من النائب روبير غانم والنائب غسان مخيبر ونقابة الصحافة ومشاريع اخرى، وقد تم إخراج مشروع مشترك بعد تعديلات عدة لا تحمي الاعلام اللبناني ولا تحرره، بقدر ما تدينه وتسلط عليه سيفا مصلتا.
ففي المشروع الجديد، إعادة عقوبة السجن التي كانت ألغيت بنضالات الصحافيين الكبار، وبمتابعة حثيثة من نقابتي الصحافة والمحررين. ألغيت تلك العقوبة وأبدلت ببدلات مالية ربما صارت المؤسسات ايضا غير قادرة على تسديدها في عز أزمتها المالية والاقتصادية. (المادة 55 رقم 2 تنص على السجن من ستة اشهر الى سنتين، وفي المادة 93: امكن الحكم بالحبس حتى ثلاثة اشهر).
اذاً يحاول مشروع القانون تدجين المؤسسات الاعلامية، وتدجين حرية الرأي في وطن الحريات ويستقوي على المؤسسات المرخصة، فيما يمكن اي شخص ان يكتب ما يريد عبر “فايسبوك” و”تويتر” ووسائل التواصل الاجتماعي الاخرى من دون القدرة على ملاحقته او معاقبة المؤسسة غير الخاضعة للقوانين اللبنانية.
اما “الأنكى” فهو تعريض المؤسسات الاعلامية للاقفال اذا ثبت انها تخدم مصالح دول اجنبية (المادة 55). واذا كنا سنتخطى مرحليا الاستنسابية في الحكم عليها، فان التهويل بالاقفال يهدف الى تفريغ الاعلام من مضمونه، لان الرأي، والرأي المضاد ايضا، انما يتناولان القضايا الاقليمية. فبأي طريقة يتم مثلا التعامل مع النظام السوري الذي يقتل اهله وناسه ببراميل المتفجرات؟ هل يصفق له الاعلام كونه في بلد شقيق، ام عليه ان ينقل الرأي والرأي الاخر بحيث يصبح اعلاما لا لون له ولا رائحة ولا موقف، يقف مع الظالم والمظلوم في آن واحد؟
ثم هل يتفضل رئيس لجنة الاعلام النيابية ومن معه، بإعلامنا لماذا الاستقواء على الاعلام الذي يشكل غالبا مرآة للواقع وللانقسام الحاصل في البلد؟ وهل يُسأل النواب انفسهم عن مواقفهم التي توالي الخارج وتخدمه، او في المقابل تسيء الى علاقات لبنان بأشقائه؟ أليس التعرض، مثلا، للمملكة العربية السعودية يتم خدمة لايران التي تمول احزابا وتسلحها؟ الا يستحق النائب المنتخَب ممثلا للامة اللبنانية ان “تقفل” نيابته ويعود الى منزله اذا ثبت انه “عميل” للخارج ايا تكن هوية هذا الخارج؟ الا يجب ان تحظر الاحزاب السياسية التي تخدم قضايا الخارج وتأتمر به؟ الا يجب ان تقفل مؤسسات تربوية واجتماعية تبث الافكار العقائدية المضرة بالوحدة الوطنية، وقد ارتفع بنيانها من تمويل خارجي؟
اذا كان يراد للاعلام ان يكون “وطنيا” فالأحرى بنواب الامة ان يكونوا مثالا فيتبنوا “إعلان بعبدا” ويبعدوا لبنان عن صراعات الخارج، وان يكشفوا عن حساباتهم المصرفية التي يغذيها هذا الخارج، او ان يصمتوا ويلتزموا منازلهم التي من زجاج.